حقيقة الإفلاس

أما بعد ، فإن الحبيب محمدا صلى الله عليه وسلم ماترك لنا أمرا يقربنا من الله إلا وأمرنا به ، ولاترك ترك لنا شيئا يبعدنا عن الله إلا ونهانا عنه ، ولا طريقا من طريق الخير إلا ودل أمته عليه ، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين ماهو أهله.
فقد لفت أنظار الصحابة رضوان الله عليهم يوما إلى أمر عظيم وخطير ، وإلى ناحية دقيقة وجليلة ، طالما غفل عنها كثير من الناس ولم يفطنوا لها تلكم هي تصور مفهوم الإفلاس على حقيقته ، فالناس يعتبرون المفلس من لايملك من المال شيئا أو من فقد ثروته وماله ، فهم يحصرون الإفلاس في المادة فحسب ، ويجعلونه قاصرا على الدرهم والدينار والمتاع ، والرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ينظر إلى الإفلاس من زاوية أوسع ، لأنه يهتم بالحقيقة دون الصورة وبالواقع دون المظهر ، فهو يخاطب أمته بأسلوب فيه إثارة إلى البحث والتفكير...
فليس المال والمتاع بالشيء المخيف ، ولا بالأمر الخطير ، ولكن الإفلاس الحقيقي هو أمور تضيع في الدين ، وفي الأعمال الصالحة ، وفي الحسنات التي تقربك من الله عز وجل وتجعلك سعيدا في الدنيا وفي الآخرة ، فكم من أناس ملكوا الدنيا وكدّسوا الثروات الضخمة وعاشوا في هذه الدنيا مترفين ، ولكنهم كانوا تعساء أشقياء لأنهم أناس مفلسون ، قد ذهبت حسناتهم وتلاشت خيراتهم ، وذهبت إلى أولئك المظلومين الذي اعتدي عليهم .
وإلى كل هذا يوضح المصطفى الحبيب حقيقة الإفلاس في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" أتدرون من الفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لادرهم له ولامتاع ، فقال :100: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ماعليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "
هذه ـ أحبتي في الله ـ هي حقيقة الإفلاس التي وضّحها وبيّنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وتأملوا معي قوله : :100: :"إن المفلس من أمتي ..." فهو منسوب إلى أمة الإسلام ، ولكنه ساء عمله ، وفسد خلقه ، رغم ماكان منه من صلاة وزكاة وصوم وغيرها من العبادات الأخرى ،لكنها ظلت طقوسا مبهمة لم تهذّب من أخلاقه شيئا .
فالصلاة الواجبة مثلا ـ عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها فقال : " واقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " وقد جاء في حديث يرويه النبي :100: عن ربه عز وجل " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ، ولم يبت مصرا على معصيتي ، وقطع النهار في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب "
أسأل الله أن يحسن أخلاقنا وأن يبعدنا عن سوء القول والعمل وأن يجنبنا الفواحش ماظهر منها وما بطن ،آمين يارب .

اللهم اجعلنا من الاغنياء باعمالنا الخيره , لا بأموالنا الزائله

اهلا بعودتك استاذ ابو معاذ , وجزاك الله الخير كل الخير على ما تذكرنا به من طيب تعاليم اسلامنا , ونور هدي نبينا :100:

اطيب الامنيات