أختنا في الله هدى جزاك المولى كل خير
على تطرقك الى الموضوع
واجابة على سؤال اخينا محمد
وجدت بعض اقوال اهل العلم في ذلك
ونقلته الي اخوتي للاستفادة
* قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وقد استدل بهذه الآية ؛ يعني آية : ( وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) على أن السحر كفر
ومتعلمه كافر ، وهو الواضح من بعض أنواعه التي قدمتها وهو التعبد للشياطين
أو للكواكب ، وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكفر به من تعلمه
أصلا ) ( فتح الباري - 10 / 224 ) 0
* قال ابن قدامة في حديث عمر – رضي الله عنه - : ( إذا ثبُت هذا – أي السحر
وتعليمه حرام ، لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم 0 قال أصحابنا : ويُكفَّر الساحر
بتعلّمه وفعله ، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ) ( المغني - 10 / 114 ) 0
* قال ابن كثير : ( وقد ذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن هبيرة بن محمد بن
هبيرة – رحمه الله في كتابه " الإشراف على مذاهب الأشراف " باباً في السحر
فقال : أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال : لا حقيقة له ،
واختلفوا فيمن يتعلَّم السحر ، ويستعمله ، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يكفًّر
ومن أصحاب أبي حنيفة من قال : إن تعلّمه ليتّقيه أو يجتنبه ، فلا يكفًّر ، ومن
تعلمه معتقداً جوازه ، أو أنّه ينفعه ، كُفِّر 0 وكذا من اعتقد أنَّ الشياطين تفعل له
ما يشاء ، فهو كافر 0 وقال الشافعي : إذا تعلَّم السحر ، قلنا : صِف لنا سحرك ،
فإن وصف ما يوجب الكفر ؛ مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرّب إلى الكواكب
السبعة ، وأنَّها تفعل ما يُلتمسُ منها ، فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر ، فإن
اعتقد إباحته ، فهو كافر ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 148 ) 0
* قال النووي : ( وأما تعلم السحر وتعليمه ففيه ثلاثة أوجه : الوجه الأول وهو
الصحيح الذي قطع به الجمهور أنهما حرامان 0 ويحرم تعلمه وتعليمه :
أ - لقوله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ )
( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) فذمهم على تعلمه
ب - لأن تعلمه يدعو إلى فعله ، وفعله محرم ، فحرم ما يدعو إليه فإن علم أو تعلم
، واعتقد تحريمه لم يكفر ، لأنه لم يكفر بتعلم الكفر ، فلأن لا يكفر بتعلم السحر
أولى ) ( المجموع – 19 / 240 ، 241 )
قال ابن حجر : ( قال النووي : عمل السحر حرام ، وهو من الكبائر بالإجماع
وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات ، ومنه ما يكون كفرا ومنه
ما لا يكون كفرا ، بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو
كافر وإلا فلا وأما تعلمه وتعليمه فحرام ، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر كفر
واستتيب منه ولا يقتل ، فإن تاب قبلت توبته ، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر
عزر ) ( فتح الباري - 10 / 224 )
قال أبو البقاء الحنفيّ : ( والصَّحيح من مذهب أصحابنا أنَّ تعلّمه – يعني السحر –
حرام مطلقاً ؛ لأنه توسُّل إلى محظور ، عنه غنىً ، وتوقِّيه أصلح وأحوط )
( الكلّيّات – ص 208 )
قال الهيثمي : ( الصَّواب أنَّ التقرُّب إلى الروحانيّات ، وخدمة ملوك الجانّ من
السحر ، وهو الذي أضلّ الحاكم العبيديّ لعنهُ الله ، حتى ادَّعى الألوهية ، ولعبت
به الشَّياطين ، حتى طلب المحال ) ( الفتاوى الحديثية – ص 88 )
قال البهوتي : ( ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله لما فيه من الأذى ويكفر الساحر
بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ) ( كشاف القناع – ص 186 )
قال الذهبي : ( الساحر لا بد وأن يكفر- قال الله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْر َ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) وما للشيطان
الملعون غرض في تعليمه الإنسان السحر إلا ليشرك به ، قال الله تعالى مخبرا
عن هاروت وماروت : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا
بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ
مِنْ خَلاقٍ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 102 ) ؛ أي من نصيب
فترى خلقا كثيرا من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراما وما يشعرون أنه
الكفر فيدخلون في تعليم الكيمياء وعملها وهي محض السحر ، وفي عقد الرجل
عن زوجته وهو سحر وفي محبة الرجل للمرأة وبغضها له ، وأشباه ذلك بكلمات
مجهولة أكثرها شرك وضلال ) ( الكبائر – ص 21 )
قال أبو حيان في " البحر المحيط " : ( وأما حكم تعلّم السحر فما كان منه
ما يعظّم به غير الله من الكواكب والشياطين وإضافة ما يحدثه الله إليها فهو كفر
إجماعاً ولا يحل تعلمه ولا العمل به ، وكذا ما قصد بتعلّمه سفك الدماء والتفريق
بين الزوجين والأصدقاء ، وأما إذا كان لا يعلم منه شيئا من ذلك بل يحتمل
فالظاهر أنه لا يحل تعلّمه ولا العمل به ) ( تفسير البحر المحيط – 1 / 328 )
قال الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله - : ( كل من تعلم السحر أو علمه أو
عمل به يكفر ككفر الشياطين الذين علموه الناس ؛ إذ لا فرق بينه وبينهم ، بل هو
تلميذ الشيطان وخريجه ، عنه روى وبه تخرج وإياه اتبع ولهذا قال تعالى في
الملكين : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) فبين تعالى
أنه بمجرد تعلمه يكفر سواء عمل به وعلمه أولا ) ( معارج القبول - 1 / 371 )
* قال الشيخ الشنقيطي : ( والتحقيق هو الذي عليه الجمهور : هو أنه لا يجوز ،
ومن أكثر الأدلة صراحة ذلك تصريحه تعالى 0 بأنه يضر ولا ينفع في قوله :
( وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ ) وإذا أثبت الله أن السحر ضار ونفى أنه نافع ،
فكيف يجوز تعلم ما هو ضرر محض لا نفع فيه ) ( أضواء البيان – 4 / 462 )
* سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – عن صحة "
تعلموا السحر ولا تعملوا به " ؟
فأجاب : ( هذا الحديث باطل لا أصل له ، ولا يجوز تعلم السحر ولا العمل به
وذلك منكر بل كفر وضلال ، وقد بيّن الله إنكاره للسحر في كتابه الكريم في قوله
تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمـَا أُنـزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِـلَ هَـارُوتَ
وَمَـارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا
مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ
وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ
خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ *وَلَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ
مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ( سورة البقرة – الآية 102 )
فأوضح سبحانه في هذه الآيات أن السحر كفر وأنه من تعليم الشياطين ، وقد
ذمهم الله على ذلك وهم أعداؤنا ، ثم بين أن تعليم السحر كفر ، وأنه يضر ولا
ينفع ، فالواجب الحذر منه ؛ لأن تعلم السحر كله كفر ، ولهذا أخبر عن الملكين
أنهما لا يعلمان الناس حتى يقولا للمتعلم : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، ثم قال :
( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) ، فعلم أنه كفر وضلال ، وأن
السحرة لا يضرون أحداً إلا بإذن الله
والمراد بذلك إذنه سبحانه الكوني القدري لا الشرعي الديني ؛ لأنه سبحانه لم
يشرعه ولم يأذن فيه شرعاً بل حرمه ونهى عنه ، وبين أنه كفر ومن تعليم
الشياطين كما أوضح سبحانه أن من اشتراه أي اعتاضه وتعلمه ليس له في
الآخرة من خلاق ، أي من حظ ولا نصيب ، وهذا وعيد عظيم ، ثم
قال سبحانه : ( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) والمعنى باعوا
أنفسهم للشيطان بهذا السحر ، ثم قال سبحانه : ( ولَوْ أَنَّهُمْ ءامَنُوا وَاتَّقَوْا
لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ( سورة البقرة – الآية 103 ) و ،
فدل ذلك على أن تعلم السحر والعمل به ضد الإيمان والتقوى ومنافٍ لهما ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله )
( مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – 1 / 653 – 654 )
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حكم تعلم السحر وتعليمه
فأجاب – حفظه الله - : ( لا يجوز تعلمه ولا تعليمه ، حيث أن أغلب عمل السحرة
على الاستعانة بالجن والشياطين ، ولأن الله ذكر أن الشياطين كفروا بتعليم السحر
، قال تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) وقد نقل ابن
كثير في تفسير آية السحر من سورة البقرة عن الفخر الرازي أنه قال : إن العلم
بالسحر ليس بقبيح ولا محظور ، اتفق المحققون على ذلك ، لأن العلم لذاته شريف
، ولعموم قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )
( سورة الزمر – الآية 9 ) ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين
المعجزة 00 الخ 0 ورد عليه ابن كثير بقوله : إن عنى أنه ليس بقبيح عقلاً
فمخالفوه من المعتزلة يمنعون هذا ، وإن عنى أنه ليس بقبيح شرعاً ففي هذه الآية
تبشيع لتعلم السحر ، وفي الصحيح " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما
أنزل على محمد " ( صحيح الجامع 5939 ) ، وفي السنن " من عقد عقدة ونفث
فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك " ( ضعيف الجامع 5702 ) 0 وقوله : ولا
محظور اتفق المحققون على ذلك 0 كيف لا يكون محظورا مع ما ذكرناه من
الآية والحديث ، واتفاق المحققين يقتضي أن يكون قد نص على هذه المسألة أئمة
العلماء أو أكثرهم ، وأين نصوصهم ، ثم إدخاله علم السحر في عموم قوله تعالى :
( قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( سورة الزمر – الآية 9 )
فيه نظر ، لأن هذه الآية إنما دلت على مدح العالمين العلم الشرعي ، ولم قلت إن
هذا منه ، ثم ترقيه إلى وجوب تعلمه بأنه لا يحصل العلم بالمعجز إلا به ضعيف ،
بل فاسد ، لأن أعظم معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن الكريم
الذي : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) ، ثم إن العلم بأنه معجز لا
يتوقف على علم السحر أصلاً ، ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين
وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلمون المعجز ويفرقون بينه وبين غيره ، ولم
يكونوا يعلمون السحر ولا تعلموه ولا علموه انتهى ) ( الصواعق المرسلة في
التصدي للمشعوذين والسحرة )
* وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
حول حديث : ( تعلموا السحر ولا تعملوا به ) :
بأن ذلك الحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ، بل هو خبر
موضوع ) ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء – 1 / 368 )
هذا و الله اعلم
فاللهم انا نعوذ بك من السحر والسحرة والكهانة والكهنة والشعوذة والمشعوذين