حياك الله اختنا
لم اقف على حديث صحيح في فضل سورة الواقعة والله اعلم
وهاته بعض الاحاديث التي تنتشر عن فضل السورة وقول اهل العلم فيها
أولاً/ حديثُ عثمان بن عفان لابن مسعود رضي الله عنهما: ألا آمر لك بعطائك ؟
قال : لا حاجة لي به .
قال: يكون لبناتك. قال: إني قد أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة ؛ فإني
سمعت رسول الله
يقول: "من قرأ كل ليلة أو قال في كل ليلة
سورة الواقعة لم تصبه فاقةٌ أبداً"
قال السَّرِيّ بن يحيى -أحد رواة الحديث-: وكان أبو فاطمة -مولىً لعلي؛ ويُروى
أبو طيبة وأبو ظَبْيـَة- لا يدعها كل ليلة.
هذا الحديث مداره على (السري بن يحيى) وقد اختُلف عليه في إسناده على خمسة
أوجه؛ فهو حديثٌ مضطرب لايصح، وقد ضعفه الإمام أحمد وأبوحاتم وابنه
والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي والألباني وغيرهم .
ثانيـاً/ حديثُ أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال
:"علِّموا نساءكم سورة الواقعة؛ فإنها سورة الغنى".
ذكره الديلمي في مسند الفردوس وعزاه السيوطي في الدر المنثورإلى ابن مردويه
في تفسيره بلفظ:"سورة الواقعة سورة الغنى؛ فاقرؤوها وعلموها أولادكم".
وذكر الشيخ الألباني في الضعيفة أن السيوطي أورده في ذيل الأحاديث الموضوعة
من طريق عبدالقدوس بن حبيب عن الحسن البصري عن أنس بن مالك مرفوعاً
بلفظ:
" من قرأ سورة الواقعة وتعلَّمَها لم يُكتب من الغافلين، ولم يفتقر هو وأهل بيته "
وعبدالقدوس متروك؛ بل رماه ابن المبارك بالكذب .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (سنده ضعيفٌ جداً) .
ثالثـاً/ حديثُ عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال
"من قرأ كل ليلة (إذا وقعت الواقعة) لم يصبه فقرٌ أبداً، ومن قرأ كل ليلة
(لا أقسم بيوم القيامة) لقي الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر".
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق أحمد بن محمد بن عمر بن يونس
عن عمرو بن يزيد عن محمد بن الحسن عن منذر الأفطس عن وهب بن منبه عن
ابن عباس .
وهذا حديثٌ موضوع ، فأحمد بن محمد بن عمر اليمامي كذاب ،كما قال أبوحاتم
وغيره قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (سنده ضعيفٌ جداً)
رابعـاً/ حديثُ أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:يا رسول الله؛ قد شِبْتَ!
فقال رسول الله
: "شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم
يتساءلون وإذا الشمس كورت".
أخرجه الترمذي في سننه وفي الشمائل وأبو يعلى في مسنده والحـاكم في
المستدرك وغيرهم.
وهو حديثٌ مضطربٌ سنداً ومتناً؛ كما بين الحافظ الدارقطني في العلل والحـافظ
ابن حجر في النكت وغيرهما.
قال الدارقطني: (شيبتني هود وأخواتها معتلةٌ كلها) كما في سؤالات السهمي (9).
وقد جاءت شواهـد متعددة لهذا الحديث، من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين
وأبي جحيفة وغيرهم، إلا أنها ضعيفةٌ جداً، ولا يمكن تقويةُ الحديث بها.
خامسـاً/ حديثُ جابر بن سمرة
قال: كان رسول الله
يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم، ولكنه كان
يخفف، كانت صلاته أخف من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر الواقعة
ونحوها من السور.
أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك والبيهقي في الكبيروكذا
عبدالرزاق في المصنف ومن طريقه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير من
طرق عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.
وإسناده لابأس به، على اختلافٍ يسيرٍ وقعَ في متنه، فقد روى الحديثَ مسلم في
صحيحه وأبو عوانة وغيرهم من طرق عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.
وفيه: (ق، والقرآن المجيد) بدل (الواقعة) وأخشى أن يكون هذا الاختلافُ من
سماك نفسه، فإن في حفظه شيئاً.
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنساء:"لا تعجزإحداكن أن تقرأ سورةالواقعة".
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بإسناد منقطع.
سادسـاً/ أثرُ مسروق بن الأجدع رحمه الله: من سره أن يَعْلَمَ علم الأولين
والآخرين وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ومن طريقه أبو نعيم في الحلية وأبو عبيد في
فضائل القـرآن من طريق منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن مسروق.
ولا أدري ؛ هل سمع هلال من مسروق بن الأجدع شيئاً أم لا؟
وعلى كلٍ فهذا الأثر مقطوع من قول التابعي الجليل مسروق.
قال الإمام الذهبي رحمه الله: (قلت: هذا قاله مسروق على المبالغة؛ لعظم ما في
السورة من جمل أمور الدارين، ومعنى قوله: "فليقرا سورة الواقعة" أي يقرأها
بتدبر وتفكير وحضور ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفاراً).
هذا ما امكن نقله لكم والله تعالى اعلى واعلم