صلاح الأزواج والذرية

حدثنا القرآن الكريم عن أناس أبرار وعباد أخيارمن عباد الرحمان ، أدلجوا بالليل وسبقوا الركبان ، واستحقوا أن يعبأ الله بهم في الأرض ويوجّه إليهم عنايته ، والبشر كلهم أهون على الله من أن يعبأ الله بهم لولا أن هؤلاء فيهم ولولا أن هؤلاء يتوجهون إلى الله بالتضرع والدعاء ، وذكر لنا من صفاتهم وعلاماتهم أنهم يسألون الله صلاح الذرية وصلاح الأزواج ، هؤلاء عباد منسوبون إلى الله وحده ــ إذا كان هناك عبّاد للشيطان والطاغوت والشهوات وعبّاد للدرهم والدينار .. فإن هناك عباد للرحمان ، وذلك قوله تعالى في أواخر سورة الفرقان : " وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ... " ــ إلى أن قال سبحانه في شأن هؤلاء :" والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما "
لاحظوا معي أن الله تعالى أضاف هؤلاء إلى نفسه ( وعباد الرحمان ) والإضافة هنا إضافة تكريم وتشريف ، وكفى بهذا فخرا لهؤلاء الأخيار .
فمن صفاتهم إذن أنهم يدعون الله ويتضرعون إليه ويبتهلون إلى وجهه الكريم يسألونه أن يهب لهم من أزواجهم وذرياتهم ماتقر به أعينهم وتسر به قلوبهم وتنشرح له صدورهم ، وأن يجعلهم أئمة وقدوة للمتقين ، ولهذا يجب أن يكون هذا هو هدفنا الأسمى من سنة الزواج ومن حكمة الزواج .
إن أهم مادعا به هؤلاء وما حرص القرآن أن يسجله في أوصافهم أنهم يقولون : ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين .. بمعنى أنهم حريصون على أن يمتد الخيروالهدى إلى من حولهم وأقرب الناس إليهم من أزواجهم وذرياتهم ، يدعون الله أن يجعل لهم من أزواجهم : من نسائهم ومن ذرياتهم ، من أبنائهم وبناتهم وأحفادهم ـ ماتقر به أعينهم .
وإنما تقر أعينهم بهم إذا وفقوا لطاعة الله وابتعدوا عن معصية الله ، وساروا في طريق الخير .
أحبتي في الله : إنما تقر عين الإنسان المؤمن بامرأة صالحة وزوجة صالحة تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر وتحفظه إذا غاب وتعينه على طاعة الله وتحرضه على الإيمان بالله وعلى تقوى الله ، وتحذره من المعصية ، ويرحم الله تلك المرأة الصالحة التقية التي كانت تأخذ بيد زوجها إذا أراد الخروج إلى العمل والكد على العيال ، وتقول له : ياأبا فلان إياك وكسب الحرام فإنا نصبرعلى حر الجوع في الدنيا ولا نصبر على حر النار وغضب الجبار يوم القيامة !! هذه الكلمة من امرأة صالحة تجعل الرجل يتوقف مائة مرة ومرة حينما تراوده نفسه الأمارة بالسوء أن يخوض في الحرام ، ويرتكب الموبقات أو يأكل أموال الناس بالباطل أو يحتكر أقوات الناس ... إلى آخر مايفعله الناس اليوم ليكسبوا من أي طريق .
ماأحوج المؤمن إلى امرأة تقول له : إتق الله قف عند حدود الله تحر الحلال ، واجتنب الحرام .. بل إتق الشبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه . هذه هي المرأة التي تقر بها الأعين ــ أعين عباد الرحمان ، المرأة المتديّنة التي تريد لزوجها أن يعيش في دائرة الحلال ، ولأولادها أن يتربوا في عيشة من حلال .
هذه هي المرأة الصالحة التي تنجب أجيالا صالحين تنهض بهم الأمة ويصلح بهم المجتمع ، إنها كنز عظيم يحرص الناس عليه ، ولذلكم جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : مااستفاد المؤمن بعد تقوى الله عزوجل خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته ، وإن نظر إليها سرته ، وإن أقسم عليها أبرّته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ، ثم قرأ قوله تعالى : "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "
أكتفي بهذا القدر وإلى لقاء آخر بإذن الله أتابع فيه الحديث عن صلاح الذرية والأزواج ، سائلا الواحد الأحد الفرد الصمد أن يجعلني وإياكم من عباد الرحمان الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتناقرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .

» الصداقة بين الأزواج أولى
» إلى كل هؤلاء الأزواج تحيه
» أين صلاح الدين ؟؟؟؟
» رباعيات صلاح جاهين
» سلاح العفو والصفح النبوى