العلاج النفسي في الإسلام

العلاج النفسي في الإسلام

اهتم الإسلام بصحة الإنسان بشكل عام ، وجاءت نصوص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مبينة لمكانة الصحة وأثرها على الفرد والمجتمع ، قال رسول الله :100: * المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز .....* فقوة المؤمن تمنحه القدرة للقيام بواجباته الدينية والدنيوية على أكمل وجه والدلائل المشيرة لأهمية الصحة في الإسلام كثيرة منها :
~ 1) أن نعمة الصحة تلي نعمة الإيمان واليقين في الأهمية. لذلك جمع رسول الله :100: بين ايقين والمعافاة فقال
* يا أيها الناس ، سلوا الله المعافاة ، فإنه لم يوت أحد مثل يقين بعد معافاة ولا أشد من ريبة بع كفر . *
فالصحة إذن من المقومات الأساسية للحياة الدنيوية ، وعلى المتجمل بهذه العمة أن يشكر الله تعالى المتفضل عليه بها ، ومن ثم فإن من واجب لمرء أن يعمل على صيانة هذه النعمة فيأخذ بأسباب حف الصحة ورعايتها ومعالجتها إذا ما أصابها خلل.
~ 2) مبدأ اليسر في الإسلام مراعاة لرفع الحرج والحفاظ على صحة الإنسان فقد أكدت نصوص القرآن على مبدأ السر في جميع التكاليف الإسلامية قال تعالى : ((يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ). سورة البقرة . وقال: (( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا .)) البقرة 286 .
فالدين الإسلام دين يسر ، ألزم المكلف بما يعود عليه من مصلحة دون أن يقع في حرج ومشقة ، قال الله تعالى :
((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ُ (78))) سورة الحج . فهو في ذلك كالدواء الذي يصفه الطبيب للمريض ، فإنه لا يقصد بالدواء إزعاج المريض بطعمه ، أو إعانته، وإنما يقصد شفاءه لما فيه صلاح لبدنه. لهذا السبب:
• التزم ديننا الحنيف بمبدأ الاقتصاد والتوسط والاعتدال في الأمور ، حتى في الطاعات دون مغالاة لا إفراط ، قال :100: * هلك المتنطــــعون * صحيح مسلم كتاب العلم. فالمطلوب دوما القصد في الأمور دون غلو أو تقصير، قال :100: : * يسرو ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا . * صحيح البخاري كتاب العلم .
• شرع الدين الإسلامي الرخص في جميع الأحكام، حيث استنبطت القاعدة الفقهية . " المشقة تجلب التيسير " . من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، لأن الشارع لم يقصد إعنات المكلفين أو تكليفهم ما لا يطيقون حفاظا على صحتهم.
• كما شرع الدين الإسلامي الأخذ بالمحظورات حفاظا على النفس ، لمكانة صحة الإنسان الرفيعة ، وبدا انعقد إجماع علماء الأمة الإسلامية على القاعدة الفقهية : " الضرورات تبيح المحظورات "
~ 3) الحث على حفظ الصحة ووقايتها : فقد ورد في الكتاب والسنة كثير من التعاليم الصحية بشكل محكم بشعب الإيمان وشعائر الدين وفرائضه وسننه ، فمنها ما هو داخل في صلب العبادات أو مشروط لصحتها ، ومنها ما ورد بشكل قواعد صحية عامة .
ففي العبادات مثلا : تعتبر الصلاة رياضة روحية بدنية ، فهي عبادة تصل الإنسان بربه ، لتعود النفس إلى فائها حيث تنتقل إلى عالم الملأ الأعلى النقي فتشعر بالسعادة في جنب خالقها ، وهي رياضة بدنية غريزية بما فيه من حركات مفيدة وأوضاع قويمة هامة في تنشيط أجهزة الجسم ، وهي رياضة روحية نفسية بما تمنح المصلي من طمأنينة إذا ما أقامها ، يقول ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى : " ليكن همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم " . الحكم العطائية ، الحكمة 118. فهو يطرد مشاغل لدنيا وهمومها ويلتجئ إلى بارئه رهبة ورغبة مستشعرا عظمته وراجيا عفوه ، فتسمو نفسه و تتحصن من خطر الاضطرابات النفسيةالتي قد تصيبها من جراء تعرضها لعوامل الكرب ، لذا كان رسول الله :100: ( قم يا بلال فأرحنا بالصلاة )
ابوداود في السن كتاب الأدب. وفوق ذلك تميل خواطره إلى التمسك بالأخلاق الفاضلة والابتعاد عن المهلكات . قال الله تعالى ((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت
وفي المعاملات كانت التعاليم الصحية متوجهة إلى إيجاد مجتمع سليم من خلال المحافظة على صحة الفرد و المجتمع . فحرم الزنا لما يخلفه من إصابات خطيرة في الجسم وتبعات من الاضطرابات النفسية ، وشجع لنكاح حفاظا على تماسك الأسرة ..
لذلك يجد الباحث في التعاليم الصحية الإسلامية مدى الأهمية التي يوليها الشرع لوقاية و التحصن بالدرجة الأولى فالسليم أفضل من المريض المعافى ، لما قد يترك المرض من آثار في الجسم والنفس فكان للطب الوقائي دور بارز أكدت على أهميته الأبحاث العلمية الحديثة فيما بعد ، وكانت دلالة على إعجاز القرآن الكريم وصدق الرسالة التي جاء بها سيدنا محمد :100: قال تعالى: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون )) . والأحاديث النبوية الشريفة تبيان لما جاءت به النصوص القرآنية من مناهج وتعاليم للمسلمين في جميع نواحي حياتهم منها الصحية . وبذلك تبوأ الطب النبوي مكانة بارزة في المجتمع حيث جاء معظمه من باب حفظ الصحة والطب الوقائي . ولا غرابة في ذلك ، لأن حفظ الصحة والطب الوقائي منوط بهام الدولة ، رسول الله :100: المؤسس الأول لتلك الدولة الإسلامية على أساس من شرع الله الحكيم سبحانه وتعالى .