السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاحتساب
الاحتساب لغة : مصدر احتسب وهو من مادة ( حَ سَ بَ ) التي
تدل في اللغة على معانٍ عديدةٍ منها : العدُّ والكفاية . ومن
المعنى الأول ( العدُّ ) قولهم : حسبت الشيء أحسبه حسباً
وحسباناً ، ومن الباب : الحِسبَةُ وهو الأجر أو احتساب الأجر ،
ويقال : أحتسب بكذا أجراً عند الله ، وفي الحديث : " من صام
رمضانَ إيماناً واحتساباً ". أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه ..
والاحتساب اصطلاحاً
هو طلب الأجر من الله تعالى بالصبر على البلاء مُطمئنةً نفس
المحتسب غير كارهةٍ لما نزل بها من البلاء .
الاحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات البِدار إلى طلب
الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر
والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو
منها .
الاحتساب ثلاثة أنواع
ـ احتساب الأجر من الله تعالى عند الصبر على المكاره ، وخاصة
فقد الأبناء إذا كانوا كباراً .
ـ احتساب الأجر من الله تعالى عند عمل الطاعات يُبتغى بهوجهه الكريم كما في صوم رمضان إيماناً واحتساباً ، وكذا فيسائر الطاعات .
ـ احتساب المولى ـ عز وجل ـ ناصراً ومعيناً للعبد عند تعرضهلأنواع الابتلاء من نحو منع عطاء أو خوف وقوع ضرر ،ومعنى الاحتساب في هذا النوع الثالث الاكتفاء بالمولى ـ عز وجل ـ ناصراً ومعيناً والرضا بما قسمه للعبد إن قليلاً وإنكثيراً . والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة ، ومن قوله تعالى : الذينقال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .وهذه الآية في النوع الثالث من أنواع الاحتسابوقوله سبحانه : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليهراجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون . وهاتان الآيتان مما ورد في معنى الاحتساب بالصبر على المكارهومن الأدلة على الاحتساب عند الطاعات قوله تعالى : إن الذينآمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيمفوائد الاحتسابدليل كمال الإيمان وحسن الإسلامالفوز بالجنة والنجاة من النارحصول السعادة في الدارينالاحتساب في الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى وليس لها جزاء إلا الجنةالاحتساب في المكاره يضاعف أجر الصبر عليهاالاحتساب يبعد صاحبه عن شبهة الرياء ويزيد في ثقته بربهالاحتساب في المكاره يدفع الحزن ويجلب السرور ويحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمةالاحتساب في الطاعات يجعل صاحبه قرير العين مسرور الفؤادبما يدخره عند ربه فيتضاعف رصيده الإيماني وتقوى روحه المعنويةالاحتساب دليل الرضا بقضاء الله وقدره ودليل على حسن الظن بالله تعالىعلامة على صلاح العبد واستقامتهإتباع للرسول الكريم صلى الله عليه وسلمبالاحتساب تؤدي شكر النعم .. لأن الاحتساب طاعة .. ومنشكر النعم العمل بالطاعات .. والله يجازيك على شكرك للنعم بأن يزيدك من الطاعات.. فيعينك عليها وييسرها لك.. ويحببها إلى قلبك فتجد الأنس والمتعة في عملها .. فيسهل عليك أمرالاحتساب وغيره .الاحتساب في ترك المعاصي والمحرمات طاعة تثبت قلبك وتقوي عزيمتك لأن ترك المعصية ـ مع قدرتك عليها ـ لوجه اللهيجعلك تتلذذ وتسعد بتركها لأنك ترجو أجر امتثالك لأمر الله ووقوفك عند حدوده تبتغي بذلك ثواب التقوى والخوف من اللهوَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِإن المحيط الصغير الذي تعيش فيه سيكتسب منك هذا الخلقالحسن ـ الاحتساب ـ لأنهم سيشعرون به ويعايشونه واقع حيا أمامهم مما يجعل له أثرا عميقا في أنفسهم ، وأقصد هنا أهلكوزوجك وأولادك وغيرهم ممن تحتك بهم إحتكاكا مباشرا ومستمرا كمحيط العمل مثلا ... فتكون بذلك دعوت عمليا إلى هدى ، فلك أجره وأجر من عمل به إلىيوم القيامة بإذن اللهعندما تعتاد المداومة على احتساب العمل الصالح فستربح مثل أجور أعمالك عندما لا يمكنك القيام بها لعذر شرعي . فإن فضلالله واسعقال صلى الله عليه وسلم : إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيماخلاصة القوليجب أن يكون طموحك أعلى من حب الناس .. لأنه غاية صعبة المنال إلا إذا .. أحبك أهل السماءوكيف ذلك .. ؟عليك بالاحتساب فهو عمل صالحوالمداومة عليه تجعل حياتك كلها طاعات.. والطاعة طريق موصل إلى محبة اللهوإذا أحبك الله ، أحبك أهل السماء ووضع لك القبول في الأرض .. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي اللهعنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله إذا أحبعبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه ، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، قال : ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل ، فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانافأبغضوه ، قال فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرضنسأل الله ان يجعل أعمالنا وطاعاتنا إحتساباً لوجه الكريماللهم آميــــــــــن