المثال المصري المميز
محمود مختار، أحد الفنانين الرواد القلائل في فن النحت وصاحب
تمثال نهضة مصر الشهير
وله متحف باسمه قائم إلى الآن، متحف الفنان محمود مختار الذي يعد قبلة لدارسي الفنون في مصر وشاهد على فترة تاريخية وسياسية هامة.
نشأ محمود مختار في نواحي مدينة
المحله الكبرى وتحديدا بقرية
طنباره ولد محمود مختار قي قرية طنباره جنب المحله الكبرى ،و أبوه " إبراهيم العيسوى " كان عمدة القريه لكن مختار راح عاش مع جدته لأمه قي بيت خاله قي قرية نشأ في المنصوره.،
وعرف عنه انه وهو مازال طفلا صغيرا كان يقضى معظم وقته جنب الترعه يشكل في الطين مناظر من اللى يشوفها حواليه قي القريه.
قدم محمود مختار إلي القاهرة عام1902 وعاش في احيائها القديمة، والذي على مقربة منه افتتحت مدرسة الفنون الجميلة، بحى "درب الجماميز" عام 1908، فكانت مدخل الصبى إلى مستقبل غير متوقع، بعد أن التحق بصف أول دفعة، وهو في السابعة عشرة من عمره.
بدت موهبة مختار ساطعة للأساتذة الأجانب، مما حدى بهم إلى تخصيص "مرسم خاص" له، ضمن مبنى المدرسة، لإعداد منحوتاته به، من تماثيل، وأشكال تستعيد مشاهد الريف، وملامح رفاق الحي.
موهبته أيضاً دفعت راعى المدرسة، الأمير يوسف كمال، إلى أن يبتعث الصبي، إلى باريس، كى يتم دراسته هناك.
ومثلما نشأ مايكل انجيلو في رعاية الأمير الفلورنسي لورنزو دي مديتشي، فقد نشأ محمود مختار في رعاية الأمير المصري يوسف كمال. وتلقى مختار أول الدروس في الفن في المدرسة الملحقة بقصر الأمير يوسف كمال بالقاهرة
لكن نشأته الريفية ارست في وجدانه جذور الانتماء حتى انه أثناء الدراسة في باريس بعد تخرجه عام 1911 أبدع تمثالين احدهما لخالد بن الوليد والثاني لطارق بن زياد وكلاهما من قادة الجيوش الإسلامية, كما اتخذ من الفلاح والفلاحة رموزاً قوية للنهضة والحرية التي كانت تسود المناخ الاجتماعي المصري آنذاك
كان المناخ الفني العام الذي عاصره محمود مختار أثناء اقامته في باريس حتى عودته للقاهرة عام 1921 وطوال تردده عليها إلى ان توفي عام 1934, مفعماً بالاساليب المستحدثة والبدع, لكنها لم تؤثر على إبداعه بشكل جذري, لانه كان يعرف كيف يقف من الحركة الثقافية العالمية موقف الرائد المساهم وليس التابع المتلقي, رغم أنه كان محاطاً بالاتجاهات الفنية العديدة التي ظهرت في أوروبا آنذاك, لكنه احتفظ بانتمائه وفكره المستقل وذكائه الذي مكنه من اثراء ابداعه بافكار عصره مستنداً إلى تراث فريد من الفن المصري القديم مضيفاً بصمته الخاصة التي اقتربت من حدود الكمال مع نصب (نهضة مصر) الذي جمع بين الحيوية والدنيونية والجاذبية والإثارة والجلال والهيبة وعظمة البناء ودقة الاداء.
استلهم مختار موضوعاته من الحياة المصرية والمشاعر الاجتماعية العامة واستعار رموزاً وأوضاعاً تراثية في تمثالي الوجهين البحري والقبلي... واذا كان مايكل انجلو قد بعث النحت الاغريقي الكلاسيكي فقد أدى مختار نفس الدور بالنسبة للفن المصري القديم مصيفاً اليه الحيوية والدنيونية ومخلصاً إياه من الجمود والاخروية.. وحين فاز بالميدالية الذهبية في صالون باريس عام 1929 على تمثال (عروس النيل) كان ذلك تقديراً لمراعاته لبعدي الاصالة والمعاصرةتمثال نهضة مصر
لقد خاطب مختار بتماثيله الآمال والاحلام والوجدان واثار الخواطر وجسد الخيال وامتزجت مشاعره بمشاعر قومه فسيطرت عليه فكرة نهضة مصر أثناء اقامته في باريس, لم يكن تمثالاً لشخص أو تكليفاً من هيئة بل احساساً نابعاً من اعماقه ولم يكن يدري ان شعبه سيطالب باقامته صرحاً جرانيتياً مهيباً لم يزل يتصدر الطريق إلى جامعة القاهرة.. هكذا جاء التمثال موازياً لثورة 1919 وكان مختار يقول (لست صاحب التمثال بل الشعب هو صاحبه).
يصور امرأة واقفة في ملابس الفلاحة المصرية ترفع عن وجهها الحجاب بيسراها، بينما يمناها مفرودة لتلمس بأصابعها رأس تمثال أبى الهول الذي يفرد قائمتيه الأماميتين في تعبير عن النهوض. في هذا التمثال يشير الفنان إلى الشعب المصري بالفلاحة ألام.. فالمصريون يطلقون على بلدهم (أمنا مصر) وهو رمز يختلف عن صورة الوطن في بلاد أخرى، عند الإنجليز مثلا رمز الوطن هو الاسد وعند الأمريكيين الوطن هو فتاة لعوب.. وهكذا.. أبوالهول يرمز إلى تاريخ مصر في فترات عظمتها وقوتها ونهضتها، فالاعتماد على العظمة السابقة كنموذج ومثال يسعى المعاصرون إلى بلوغه بازاحة ما يعوق التقدم والرقى وما يحجب الرؤية هو طريق النهضة وبلوغ مماثل معاصر للمجد القديم. التكوين الهرمى يكمل معنى الرسوخ والثقة والايمان بالمستقبل، وقد نزع الفنان عن أبى الهول المعنى الدينى القديم الذي يصوره كائنا مقدسا واخرجه من صورته الثابتة عندما افترض انه ينتفض ليتحرك وينهض وجسد هذه الصورة المتخيلة محتفظا له بالجلال والهيبة ليستنهض الهمم ويخيف الأعداء.. وفى نفس الوقت حافظ على الكتلة النحتية الراسخة التي ميزت تماثيل القدماء لتحقيق هدف مشترك هو البقاء والخلود
سافر محمود مختار عام 1911 إلى باريس ليعرض نموذج لتمثاله الشهير نهضة مصر، بمعرض شهير آنذاك وهو معرض الفنانين الفرنسيين 1920 ونال عليه شهادة الشرف من القائمين على المعرض، ذلك التشريف الذي جعل بعض المفكرين البارزين في ذلك الوقت وحدا بهم إلى ضرورة إقامة التمثال في أحد ميادين القاهرة الكبرى.لأنجاز ذلك الهدف الشعبي في ذلك الوقت، تمت الدعوة إلى تنظيم اكتتاب شعبي لإقامة التمثال وساهمت فيه الحكومة، وتحقق الحلم وكشف عنه الستار عام 1928 ولا زال قائماً إلى الآن أمام حديقة الحيوان بالقاهرةمتحف محمود مختار
بعد أن توفي عام 1934،ونظراً للقيمة الفنية للفنان محمود مختار، نادى الصحفيون ورواد الحياة الثقافية في مصر وعلى رأسهم
هدي شعراوي[/color][/url] بالحفاظ على أعماله الفنية وجمعها لحمايتها من الإندثار والضياع، وكللت هذه الجهود بقيام وزارة المعارف عام بإنشاء متحف لمختار ومقبرته علي نفقة الوزارة.
وفي نفس العام تم استرجاع بعض اعماله إلى مصر وعرضت بمعرض المثالين الفرنسيين المهاجرين بالجمعية الزراعية وأقيمت بهذه المناسبة ندوات ومحاضرات عن قصة حياته وتناولت عبقريته الفنية بالنقد والتحليل.
حدث أن إندلعت الحرب العالمية الثانية أثناء ذلك، وحال ذلك دون إعادة بقية التماثيل إلا ان جهود هدي شعراوي حققت نجاح عودة التماثيل، كما كان لجهود
طه حسين (وزير المعارف في الفترة من عام1950 حتي 1952 أثر كبير لإعادة أعمال محمود مختار إلى مصر.
في عام 1952
تم افتتاح متحف مختار في ملحق خاص بمتحف الفن الحديث ليعرض 59 تمثالاً، وقام على تأسيس وإعداد المتحف كل من الفنان
راغب عياد
زميل محمود مختار وصديقه، وكمال الملاخ
الصحفي والأثري البارز، وقام المهندس
رمسيس واصف
بتصميم متحف مختار الحديث في حديقة الحرية بوسط القاهرة ونقلت رفات مختار إلي المقبرة الجديدة بالمتحف.