اقامة تمثال الحرية

القصة من البداية بدأت فكرة اقامة تمثال الحرية فى صيف 1865

فى احدى القرى الفرنسية بضواحى باريس حيث كانت مجموعة من الأعيان الفرنسيين يتجاذبون أطراف الحديث ، كان أحدهم
استاذ قانون ومن أشد المؤيدين لأمريكا عند نشأتها والمعترفين بفضلها على الحرية
سواء للإنسان أو الدول
ولما كان هذا الحوار دائرا بين هذه المجموعة بمناسبة قرب بدء الاحتفال بالعيد المئوى للثورة الأمريكية فقد أعلن استاذ القانون أنه يود أن يقدم هدية للشعب الأمريكى باسم الشعب الفرنسى وليس أجمل أن يقدم رمزاً للحرية
فى هذه المناسبة الوطنية
وتحمس الحاضرون للفكرة وكان من بينهم أحد النحاتين المشهورين الذين حققوا شهرة واسعة فى عمل التماثيل ذات الأحجام العملاقة وهوالنحات الفرنسى
فريديرك أوجوست بارتولدي
ودار الحديث حول اقامة تمثال يمثل الحرية
في العالم وتطوع أستاذ القانون للسفر إلى الولايات المتحدة على نفقته الخاصة للتعرف على آراء الأمريكيين ومشاعرهم تجاه الفكرة واقناعهم بالمساهمة والمشاركة في إعداد هذا التمثال المعجزة من وجهة نظره
في يونيو 1871 وصل الى نيويورك بحرا وأعجب بالميناء البحري ولاحظ وجود جزيرة منعزلة هي جزيرة إيليس وطرأت على تفكيره فكرة إقامة التمثال على هذه الجزيرة وعلى الفور رسم تخيله للتمثال الذي سيكون على هيئة إمرأة فارعة الطول هائلة الحجم وسيكون التمثال هائلاً

وكان الكثيرون يظنون بعد وضع الشكل التخيلي للتمثال أن وجه التمثل هو وجه زوجة المثال إلا أنه اتضح أنه صورة إمرأة أخرى
أهم عند المثال من زوجته
لقد كانت الصورة لوجه والدته

وقد اراد المثّال أن يضع بين يدي التمثال لوحة تحمل استقلال الولايات المتحدة في
الرابع من يوليو سنة1776

وأن تكون احدى قدميها متقدمة عن الأخرى
كأنها تسير بقوة لتدوس على الأغلال والقيود
فى سبيل الحرية وأن تضع تاجاً على رأسها
تنطلق منه سبعة اشعاعات
ترمز إلى أن الحرية يجب أن تعبر وتمتد عبر البحار السبعة الموجودة فى العالم
وتغمر العالم كله

وتمكن من عمل نموذج مصغر من الطين
لهذا التمثال وبدأ يستطلع آراء زملائه ومواطنيه
ويقال انه عرض التمثال على الخديوي اسماعيل ليضعه على مدخل قناة السويس

لكن الخديوي اعتذر نظرا لعدم وجود ميزانية لتكلفة المشروع الكبيرة خاصة بعد افتتاح قناة السويس

كان صنع التماثيل في هذا الوقت يعتمد على صب المعدن المصهور في قوالب تؤدي فى النهاية
الى الشكل المطلوب ولكن حجم التمثال الهائل لم يكن من السهل عمل قوالب لهذا الحجم لهذا لجأ
الى طريقة اخرى أسماها طريقة التصويج
وفضل المثّال ان يكون وجه التمثال والأماكن الخارجية منه من النحاس لخفته وسهولة تشكيله
ثم إن النحاس حين يتعرض للهواء فإنه يُكوّن طبقة من صدأ النحاس تكون خضراء اللون

وهذا أقرب مايكون للشكل الذى تخيله للتمثال
وقرر أن يكون التمثال على أعلى ارتفاع يمكن من
حيث الطول فقد جعله 46 متراً وطول الخصر 11 متر وطول الأنف مترا ونصف
أما الأصبع فستكون مترين ونصف

واتفق المثّال مع أحد المهندسين لتشكيل الهيكل الداخلى للتمثال
وهو الذي سيحمله وذلك بعد أن يتم تدعيمه من الداخل بغرف فارغة تُملأ بالرمال وفى أوقات
الصيانة فانه يمكن تفريغ هذه الغرف

هنا بدأ يفكر في شيىء آخر ، إنه التمويل
كيف سيمول هذا المشروع؟؟

لم يجد أمامه سوى
أن يشكل رابطة أو منظمة ونجح في تشكيلها
وأطلق عليها اسم الاتحاد الفرنسي الأمريكي
وفتح حساباً مصرفياً لتلقي التبرعات
وأعلن عن هذه التبرعات وعمل مجموعة
من النشرات أعلن عنها فى وسائل الإعلام
وأعلن أن الامريكيين سيقدمون معونتهم
في صورة قاعدة التمثال التي سينصب عليها
بعد صبّه

وبدأت التبرعات تنهال على الرابطة حتى أن واحد من كبار صناع المعادن قدّم جميع مايتطلبه
التمثال من النحاس

وحل موعد الذكرى المئوية ولم يكن التمثال
قد اكتمل بعد ، فقرر الاتحاد الامريكى الفرنسى
المساهمة في الاحتفال بتقديم جزء من التمثال وأرسل الى الولايات المتحدة الذراع التي تحمل
المشعل ونقلت الذراع الى المعرض
الذي كان مقاماً بهذه المناسبة وتم عرضها عدة أشهر ، ثم أعيدت الى باريس مرة أخرى واثارت اهتماماً كبيرا مما ساهم فى زيادة التبرعات

وانتقل التمثال بعد ذلك الى مرحلة إعداد الرأس والكتفين وحين انتهى من إعداد الرأس تم نقلها
الى معرض باريس على عربة كبيرة وقوبلت بالهتافات من الجماهير للحرية
ثم انتقل بعد ذلك لصناعة جسم التمثال
وفجأة مات المهندس الذي كان يصنع التصميمات الخاصة بهيكل التمثال فلم يجد رئيس الرابطة
سوى أن يلجأ للاستعانة بمهندس آخر أظن أنه معروف لديكم وللعالم كله هو

جوستاف ايفيل
وهو صاحب برج إيفل الشهير فى فرنسا
واستطاعت تصميمات ايفل للتمثال أن تجعله يصمد حتى الان حيث غيّر فى تصميمات
التمثال واستغل خبرته فى عمل النصب التذكارية فى الدول وقام بعمل بعض التعديلات داخل جسم
التمثال نفسه وكانت هذه التعديلات نوعا من الابداع حتى أنها أُستخدمت
في بناء ناطحات السحاب

ثم توفي بعد ذلك رئيس الرابطة
فجاء خلفاً له واحد من المشاهير ايضاً وهو فرديناند ديليسبس

بحلول عام 1885 أعلن أن التمثال أصبح جاهزاً وبدأت عملية تفكيكه وتجزئته وترقيمه بدقة فائقة
وتم وضعه فيما يزيد عن مائتي صندوق تم شحنها على ظهر إحد البوارج الحربية الفرنسية
وتقدمتها أربع سفن حربية من الأسطول الحربي الامريكي فى حفل بحري رائع في مراسمه


كانت هناك مشكلة القاعدة التي ستهديها
الولايات الأمريكية وكانت ماتزال معلقة
إلى أن وقع الرئيس الأمريكي مرسوماً بإهداء الجزيرة التى تمت الموافقة عليها
لتكون مكان لاقامة التمثال

وأكمل الأمريكيون بناء أساس القاعدة وبناء الهيكل الاساسي لها وتم عمل حفل اسطوري حين
وصل التمثال الى أمريكا وبدىء فى تثبيت التمثال على القاعدة وكان قويا الى درجة يستحيل معها
ان يقع التمثال الا اذا انقلبت الجزيرة نفسها معه وحين تم الانتهاء منه كان ارتفاعه وصل
الى 92 متراً
وقد وضعت تلك العبارة على قاعدة التمثال بحيث يمكن لكل من يدخل الولايات المتحدة
: عن طريق البحر أن يقرأها

أَرسلوا إلىَّ متعبيكم وفقرائكم وجموعكم الفقيرة
المشتاقة الى التنفس بحرية

وأصبح الشكل النهائي للتمثال عبارة عن إمرأة ترتدي زياً رومانسياً قديماً وتحمل في يدها اليمنى
مشعلاً ، أما بيدها الأخرى تم وضع كتاب
القانون الأمريكي الذي يعود تاريخه الى تاريخ إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1776
وأدرج التمثال ضمن تراث الولايات المتحدة

أما الرئيس الأمريكى فإن عليه أن يذهب صباح يوم توليه الرئاسة لزيارة التمثال ويقطع على نفسه
عهدا على تذليل كافة العقبات ، وكسر جميع القيود التى تصادف المواطنين والمهاجرين
والمقيمين من مختلف الجنسيات

والتمثال مصمم بحيث يكون وكأن نظره موجهاً إلى أسفل القادمين والمهاجرين حتى يبدؤا حياتهم
الجديدة على ارض الحرية
من كتاب : تمثال الحرية

لكنه تمثال في غير مكانه

مشكور اخونا الصومالى موضوع جيد


وافر تحياتى