بـيـن الإبـحـار فـى الـثـقـافـة و حـب الله و رسـوله |
| | سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد سليمان مبحر فعال
الساعة الآن : عدد المساهمات : 238 درجة النشاط : 6017 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الأربعاء 24 ديسمبر 2008 - 0:19 | |
| [size=12]سنبدأ إخواني برجل أثرى التاريخ والأدب والجغرافيا الإسلامية بالعديد من المؤلفات منها ما هو ضائع ومنها ما تمت طباعته وهو الجغرافي الرحالة الأديب ياقوت الحموي المؤرخ الشاعر الأديب .
اسمه ونسبه : ياقوت الحموي هو أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الجنس والمولد الحموي المولى البغدادي الدارأُسر من بلاده صغيرًا مع مَن أُسر فهو من أصل رومي , واشتراه " عسكر بن أبي نصر إبراهيم الحموي " كان يعيش ببغداد , وكان عمر ياقوت وقت أسره خمس أو ست سنوات أما عن مكان مولده فقد وُلِد ببلاد الروم , ويدل على هذا ما ذكره ياقوت حيث قام بعمل ترجمة لنفسه ووضعها في معجم الأدباء ولكنها ضاعت مع ما ضاع , ونقله عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان يقول : " وكانت ولادة ياقوت المذكور ببلاد الروم في سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة ببلاد الروم هكذا قاله – يقصد ياقوت - وكان عسكر الحموي مالك ياقوت لا يعرف القراءة والكتابة , فجعل ياقوتًا في الكتَّاب لينتفع به في تجارته وليساعده في حساباته التجارية , فعسكر لا يحسن شيئًا خلا التجارة , وبالفعل سافر ياقوت بتجارة مولاه إلى شتى أرجاء الأرض , فسافر إلى مصر وعمان وبلاد الشام وبلاد المغرب , وغيرها من البلاد , وقد ساعده ذلك على أن يخرج كتابه " معجم البلدان " بتلك الصورة الرائعة التي خرج عليها حتى سار موسوعة جغرافية أدبية لا غنى عنها ولمَّا بلغ ياقوت إحدى وعشرون عامًا حدثت بينه وبين سيده جفوة أوجبت عتقه , وكانت تلك الجفوة فاتحة خير على صاحبنا حيث لم يجد مصدر رزق يعيش منه غير النسخ بالأجرة , وابتعد فترة عن التجارة لم تكن بالطويلة , فعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم , فلولا تلك الجفوة لفقدنا نهرًا زاخرًا بالعلم , لفقدنا ياقوتة من يواقيت الترجمة , ولفقد ياقوت ما يخلِّد اسمه , فلولا مؤلفاته لما عرفناه ولانتهى ذكره من الدنيا بمجرد أن توارى جسده بالتراب , كما نُسي الكثير من الناس لأنهم لم يكتبوا شيئًا يخلدون به اسمهم , فقد تفنى الأجساد وتقف الزفرات لكن تبقى الكلمات وتدوم المؤلفات ؛ فباشتغال ياقوت بالنسخ حصل له به فوائد عديدة , وفتحت له مدرك كثيرة , لكن سرعان ما رضي عنه مولاه مرة أخرى فأعطاه شيئًا من أمواله وبضائعه وسفَّره بها إلى كيش ليتاجر له بها , وعند عودته إلى حماة كان عسكر قد مات وقضي نحبه , فأخذ ياقوت شيئًا مما كان معه لنفسه وترك ما تبقَّى لأولاد مولاه وزوجته حتى رضوا بما قسم الله لهم , وهذا الوقف يدل على حسن أخلاق الحموي وخوفه من الله تعالى , وجعل ما أخذه رأس مال له ليتاجر به , وبدّل تجارته فبعد أن كان يتاجر في البضائع صار يتاجر في الكتب . - مولده :
شكَّك بعض من ترجم لياقوت في تاريخ مولده فمنهم من قال إنَّ مولده في سنة أربع وسبعين وخمسمائة , ومنهم من قال إن مولده في سنة خمس وسبعين وخمسمائة , ومنهم من ذكر التاريخين معًا .
قال المنذري " سمعته يقول مولدي سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة
وتبعه ابن خلكان في هذا الشك , يقول : " وكانت ولادة ياقوت المذكور في سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة ببلاد الروم وممن جزم أن سنة مولد ياقوت أربع وسبعين وخمسمائة ابن العماد
( وللحديث عن هذا العالم بقية ) فانتظروا الجزء الثاني .[/size] | |
| | | هبة الله نــائـبـة الـمـديـر سابقا
الساعة الآن : الجنس : عدد المساهمات : 2285 درجة النشاط : 5934 تاريخ التسجيل : 21/03/2008 تعاليق : نائبة المدير سابقا
| | | | عبد الله مـــديــر الـمـنـتـدى
الساعة الآن : الجنس : عدد المساهمات : 6437 درجة النشاط : 22797 تاريخ التسجيل : 22/03/2008
| | | | أحمد محمد سليمان مبحر فعال
الساعة الآن : عدد المساهمات : 238 درجة النشاط : 6017 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الجمعة 3 يوليو 2009 - 16:52 | |
| الترجمة التالية هي ترجمة رجل أديب وشاعر ومقاتل في سبيل الله عاش في رحاب الدولة الأيوبية وتربى في كنف صلاح الدين الأيوبي ومدح قاداتها ومدح علماء عصره هو الشاعر الأديب المؤرخ عماد الدين الأصبهاني أبو عبد الله محمد بن صفي الدين أبي الفرج بن نفيس الدين أبي الرجاء حامد بن عبد الله بن الملقب بعماد الدين الكاتب الأصفهاني علي بن محمد بن هبة الله بن أَلُهْ ولد بأصبهان في ثاني جمادى الآخرة عام 519هـ - 1125م , ونشأ بها حيث تلقى تعليمـه الأول على المذهب الشافع , ثم التحق بالمدرسة النظامية ببغداد حيث تفقه على يد كبارعلمائها في تلك الفترة , ثم رجع إلى بغداد ليعمل بصناعة الكتابة فبرع فيها وذاع صيته وصار ملازما للوزير عون الدين بن هبيرة , وزير الخليفة المقتفي لأمر الله العباسي , فولاه النظر بالبصرة ثم بواسط , واستمر العماد يلي هذه الوظائف حتى وفاة الوزير ابن هبيــرة عام 555هـ , فصدرت أوامر الخليفة المستنجد بالله باعتقاله , فبعث من سجنه إلى عماد الدين بن عضدالدين بن رئيس الرؤساء وكان حينئذ أستاذ الدار , قصيدة طويلة يطلب فيها أن يشفع له عند الخليفة في فك وثاقه وإطلاق سراحه . وتحقق له ما أراد , فأقام في بغداد مدة – كما يقول ابن خلكان – " في عيش منكد , وجفن مسهد ". :521: ثم أصبح مشرفا على ديوان الإنشاء مضافا إلى كتابة الإنشاء . عاش العماد في سعــة من العيش ورغدة , ولما توفي نور الدين في عام 569 هـ , تولى الحكم بعده ابنه الصالــح إسماعيل وكان صبيا فالتف حوله جماعة من الأفراد كان همهم المصلحة الشخصية وتصفية من يقف ضد هذه المصلحة , يقول العماد :" ولما توفي نور الدين اختل أمري , واعتــل سري , وفاض دمعي , وغاض بحري , وعلت حسادي , وبلغ مرادهم أضدادي ". :521:
وحينما بلغ الموصل داهمه المرض , فاضطر أن يمكث فيها ثلاثة أشهر , فجاءه البشير بسيطرة صلاح الدين على مقاليد الحكم . وكان قد تعرف عليه حينما عمل في الدولة النورية , كما له سابق معرفة بأبيه نجم الدين أيوب من تكريت فكر راجعا إلى الشام , والأمل يحدوه في أن ينال مقاما محمودا عنده , ويغيظ حاسديه الذين حاربوه ونغصوا حياته .
:521:
لقد تحقق حلمه ونال مبتغاه إذ استطاع أن يلتقي بالسلطان صلاح الدين في مدينــة حمص و فمدحه بقصيدة طويلة , وأصبح في الدلوة الأيوبية كاتبا للسر , ومسؤولا عن ديوان الاستيفاء , وصحب صلاح الدين , وشهد أغلي الوقائع الحربية معه , وكتب كثيرا مـــن الرسائل على لسانه و وتغنى شعرا بمناقبه وبطولاته , وبعد وفاة السلطان صلاح الدين عـام 589هـ أفل نجم العماد , فاختلت أحواله وساءت اموره , وضعفت مكانته , وقلت هيبته – قال ابن خلكان : " لم يزل العماد الكاتب على مكانته ورفعة منزلته , إلى أن توفي السلطـان صلاح الدين – رحمه الله – فاختلت احواله , وتعطلت اوصاله , ولم يجد في وجهه بابــا مفتوحا , فلازم بيته وأقبل على الاشتغال بالتصانيف " . :521: ويقول ياقوت الحموي : " إنه لزم بيته وأقبل على التصنيف والإفادة " . :521:
واشتغل العماد بالكتابة في حكومة الملك الأفضل علي بن صلاح الدين , ولكن سرعان ما طلب الاستعفاء , وانصرف إلى التصنيف والتدريس ف مدرسته العمادية بدمشق , حتى وافته المنية بدمشق يوم الاثنين يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة 597هـ / 1201م . ودفن في مقابر الصوفية خارج باب النصر .
:521:
وللحديث عن العماد الأصفهاني بقية فترجمته زاخرة وعامرة , وسأكتب لكم شيئًا من شعره في المرات القادمة .
فهو شاعر جيد الشعر .
| |
| | | روح الفؤاد مبحر نشيط
الساعة الآن : عدد المساهمات : 68 درجة النشاط : 5494 تاريخ التسجيل : 03/07/2009
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) السبت 11 يوليو 2009 - 21:38 | |
| شكراً لك أخي فموضوعاتك دائماً متجددة . بارك الله فيك | |
| | | أحمد محمد سليمان مبحر فعال
الساعة الآن : عدد المساهمات : 238 درجة النشاط : 6017 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الأحد 12 يوليو 2009 - 15:25 | |
| واستكمالا لترجمة العماد أقدم لكم الجزء الثاني منها 2 – صفته وأخلاقه وشخصيته : كان العماد كوسجا . خفيف اللحية وفي عينه عمش فيه فتور إذا نُظر ولكن إذا أخذ القلم وكتب أتى بالعجائبولذلك قال القاضي الفاضل فيه : " هو كالزناد ظاهره بارد وباطنه فيه نار " وكان فقيها شافعيا على مذهب الأشاعرة , ولم يكن له اعتقاد سياسي واضح فهو يراعي في كل الأزمان حق من اعانه وحماة مثل مقام الخلافة ونور الدين وصلاح الدين والقاضي الفاضل ويشكرهم في كل كتبه , وكان يحي جمع المال فكان مؤتمنا رحيما تحترمه الرجال الذين عاشوا حوله ويفضله الكبراء . كان يكره تخريب المواريث العلمية والثقافية . والدليل على ذلك أسفه لنهب الكتب الموجودة في خزانة الخلافة الفالطمية , لا يحب إراقة دم بغير حق وتجزية الرجال بالجزاء العفيف , كان رجلا مجتهدا . دليل هذا ما ألفه من الكتب الكثيرة وعمله العلمي مع كثرة انشعاله بالأعمال السلطانية وتدريسه في المدرسة التي تولاها وفي جامع دمشق , وكان بارعا في درسه يتزاحم الفضلاء فيه لفوائده وفرائده . فإن أكثر ما يتميز به العماد هو الأدب وصنعة الإنشاء , وةيكثر استعمال الصنائع البديعة في رسائله وكتبه 3 – شعره ورسائله : قد كان الشعر وسيلته إلى الخطوة التي نالها مبكرا , وذلك من خلال مدائحه في الخليفة العباسي " المقتفي لأمر الله من 530هـ إلى 555هـ " وقال ابن خلكان في ترجمته للعماد : " وله من الشعر والرسائل ما يغني عن الإطالة في شرحه " , وقال أيضًا إن العماد له : " ديوان رسائل وديوان شعر في ظاربع مجلدات ونَفسه في قصائده طويل وله ديوان صغير جميعه دوبيت اختلف الباحثون القدامى في حجم ديوانه , فقال ياقوت الحموي – وهو قيرب العهد منه - : " إنه في مجلدين "وتابع الصفدي ابن خلكان في عدد المجلدات وقال : " إنه في أربع مجلدات "وقد قيل إنه كام يحفظ شعر البحتري , ودواوين العرب المشهورة وقد ساعدته الدراسة والحفظ ومتابعة ما خلف السلف , والاتصال بعلماء العصر وأدبائه على التأليف والتصنيف والترجمة , فقد زادت ثروته اللفظية والمعنوية , ومكنته من صنعته , ووسع أفقه في الجناس , والسجع والتورية والاستعارة ونظم العماد الدوبيتات بناءً على طلب الملك العادل نور الدين محمود في دمشق عام 568 هـ أيام الجلاد مع الصليبيين , فقال في ذلك : " وسألني نور الدين أن أعمل دوبيتات في معنى الجهاد " مؤلفات العماد الأصفهاني : 1 – خريدة القصر وجريدة العصر 2 – الفتح القُسي في الفتح القدسي 3 – البرق الشامي 4 – تاريخ دولة آل سلجوق 5 – ترجمة فتور زمان الصدور لأنوشروان بن خالد الوزير 6 – ديوان شعر في أربعة مجلدات . 7 – مجموعة أشعار عمه العزيز : وهي مفقودة . 8 – ديوان رسائل في ثلاثة مجلدات : ألَّفه قبل 572هـ , وهو مفقود أيضًا. 9 – ديوان دوبيتي أي رباعية في مجلد صغير . 10 – كيمياء السعادة : عرَّب كتاب كيمياء السعادة لأبي حامد الغزالي في مجلدين وهو مفقود . 11 – ذيل الخريدة وسيل الجريدة في ثلاثة مجلدات , صنَّفه ذيلا للخريدة . 12 – عتبى الزمان في عقبى الحدثان : وهو في تاريخ الدولة الأيوبية من وفاة السلطان إلى آخر 592هـ , وهو ذيل على البرق الشامي . 13 – غطفة الباريق وعطفة الشارق . 14 – البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان . 15 – نحلة الرحلة وحلية العطلة . 16 – تعليقاته من مناظرات أبي الوفا على بن عقيل الحنبلي لأبي الحسن علي بن محمد المعروف بالكيا الهراسي , وهي مفقودة . 17- تعليقاته من مجالس وعظ قطب الدين أبي منصور المظفي بن أردشير العبادي ت 547 هـ , وهي مفقودة . وفي الحلقة القادمة سأتحدث لكم عن عصره وهو عصر الحروب الصليبية فانتظروا معنا الجديد وشكرا وووووووووووووووووووووووو | |
| | | أحمد محمد سليمان مبحر فعال
الساعة الآن : عدد المساهمات : 238 درجة النشاط : 6017 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الثلاثاء 21 يوليو 2009 - 19:07 | |
| العصر الذي عاش فيه العماد :521: عاش العماد الكاتب في عصر الحروب الصلييبية , وهو عصر ذو طابع خالص من الناحيتين السياسية والثقافية . فد ولد العماد في وقت كانت فيه الخلافة العباسية تمر بمرحلة منالتجهور السياسي , وكان السلاجقة هم الحكام الحقيقين للدولة. فإن السلاجقة هم الذين نفخوا روحًا جديدة في جثمان الدولة العباسية المنهار , ويرجع ذلك إلى ثلاثة من أعظم سلاطين السلاجقة هم طغرلبك ( 429 – 455 هـ ) , وألب أرسلان ( 455 – 465 هـ ) , والسلطان ملكشاة ( 465 – 485هـ ) الذي كانت وفاته إيذانًا بانهيار وتفكك قوة السلاجقة وتبع ذلك انهيار قوة الشرق الإسلامي . وفي هذه الفترة أخذ الغرب الأوربي في تنظيم عدة حملات لغزو الشرق , هي التي أطلق عليها اسم " الحروب الصليبية " , وذلك من أجل سلب خيرات الشرق والاستيلاء على أراحنية , ونتيجة ذلك الانهيار والتفكك الذي كان يمر به الشرق . نجح الفرنج في تحقيق هدفهم واستطاعوا إنزال الهزائم بقوة السلاجقة المنهارة , واستولوا على عدة مناطق بالشرق مؤسسين أربعة كنايات لهم هي : الرها , وأنطاكية , وبيت المقدس , وطرابلس . واستمر هذا الوضع إلى أن ظهر على مسرح الأحداث أحد رموز الوحدة الإسلامية وهو عماد الدين زنكي ( 521 – 541 هـ ) الذي نشأ وسط هذا الجو المشحون بالفرقة والانقسام , وأيقن زنكي أن الحل الوحيد للخروج من هذه الكارثة هو توحيد الجبهة الإسلامية , وبالفعل أخذ عماد الدين زنكي يجاهد من أجل توحيد الجبهة الإسلامية للصمود أمام العدوان الصليبي , واستطاع إنزال أول هزيمة ساحقة بالفرنج , وسقطت في يده أول إمارة صليبية وهي إمارة الرها 539هـ . ليدق بذلك أول مسمار نعش الصليبين , وذلك بعد أن بلغ العماد الكاتب العشرين من عمره وأصبح في زهرة شبابه , وإذا كان عماد الدين زنكي قد قتل بعد استيلائه على الرها بعامين 541هـ , فإن ابنه نور الدين محمود قام بأمر الجهاد ضد الصليبين من بعده خير قيام , واستطاع أن يعيد توحيد الجبهة الإسلامية . واستطاع أن يصمد أمام الحملة الصليبية الثانية , ثم أخذ في تصفية إمارة أنطاكية , ولم يبق منها سوى حصون مهدمة
فقد استطاع نور الدين محمود تصفية الوجود الصليبي بشمال الشام , ولم يبق أمامه سوى الصليبيين الموجوديين بجنوب بلاد الشام ( بيت المقدس – طرابلس ) , ولم يكن أمامه إلا أن يوحد الجبهة الإسلامية بالجنوب حيث يضم إليه دمشق ثم مصر , وبذلك يحصر الصليبين في الوسط أو بين شقي الرحى , وبالفعل استطاع نور الدين ضم دمشق , فلم يتردد وأرسل قائده أسد الدين شيركوه وبصحبته صلاح الدين الأيوبي ابن أخت شيركوه إلى مصر , وبعد صراع استطاع شيركوه أن يتولى وزارة الخليفة العاضد بالله الفادمي 564هـ , وهو في نفس الوقت قائد جيش نور الدين(3), ولكنه لم يستمر في الوزارة طويلا إذ توفى بعد خمسة وستين يوما , وبعد ذلك تولى صلاح الدين الوزارة خلفًا لعمه , ولم تلبث الخلافة الفاطمية أن سقطت , وبذلك أصبح صلاح الدين طليق اليد في مصر .
وبعد وفاة نور الدين محمود في شوال 569هـ , أتاحت لصلاح الدين فرصة تأسيس دولة تحمل اسمه وتصبح مصر هي قاعدته .
كانت حطين هي أولى معارك صلاح الدين الحاسمة ضد الصليبين 583هـ حيث استطاع من خلالها تصفية الوجود الصليبي بجنوب الشام , واستعادة بيت المقدس من أيدي الصليبين , مما دفع الغرب الأوربي للدعوة إلى حملة صليبية ثالثة , والتي تزعمها ثلاثة من أكبر ملوك أوربا هم : ريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا , وفيليب أوغسطس ملك فرنسا , وفريدريك بربروسا امبراطور ألمانيا , فقد لقى حتفه في بداية هذه الحملة , وفيليب وريتشارد أخذا يعملان على استعادة بيت المقدس , ولكنهما فشلا , ثم اضطر ريتشارد إلى عقد صلح الرملة 588هـ مع صلاح الدين , وفي عام 589هـ توفي القائد صلاح الدين وهو ابن سبعة وخمسين عامًا لتنقسم مملكته الواسعة بين أبنائه وأخوته وأبناء عمومته .
فقد عاش العماد أخصب فترة من فترات التاريخ من النشاط السياسي والعسكري والثقافي , وكثيرًا من الحكام اتخذوا من النشاط الأدبي والعلمي وسيلة لهم في الحرب والسياسة , ومثال على ذلك , فقد روى العماد أن السلطان نور الدين طلب منه يومًا أن ينشده أبياتًا في معنى الجهاد .
وهكذا كان عصر العماد الكاتب عصرًا مليئًا بالتيارات السياسية والثقافية المختلفة , مما أهله أن يلعب دورًا كبيرًا في هذا العصر في النواحي السياسية والثقافية .
وسنتكلم في الحلقة القادمة عن الحياة الثقافية في هذه الحقبة الهامة من التاريخ
| |
| | | أحمد محمد سليمان مبحر فعال
الساعة الآن : عدد المساهمات : 238 درجة النشاط : 6017 تاريخ التسجيل : 12/08/2008
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الأحد 26 يوليو 2009 - 6:08 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
استكمالا لحياة الأصفهاني
البيئة الثقافية :
تعتبر " أصفهان " هي بيئة العماد الثقافية الأولى , فهي ذات شهرة قديمة , لها مميزات ثقافية وأدبية وسياسية اختصت بها , بل وفاقت غيرها من المدن الإسلامية في فترات التاريخ المتعاقبة , بكونها أحد المراكز العلمية الثقافية في القرنين الخامس والسادس الهجري . واشتهرت بتخريج عددًا كبيرًا من حفاظ الحديث , فكان الأديب أوالعالم الأصفهاني لايقتصر على نوع معين من الأدب , بل كان في حد ذاته دائرة معارف تشمل كل الفنون والعلوم وأنواع المعرفة المختلفة , وهناك أسباب للنهضة العلمية والأدبية التي امتازت بها أصفهان , فقد أجمعت كتب التاريخ والأدب على عظمة أصفهان , لصحة هوائها , وجودة أرضها , وكثرة خيراتها , ووفرة مكاسبها , واختلاف فضائلها .
وعنها يقول القاضي القزويني : " أصفهان مدينة عظيمة , ومن أعلى المدن ومشاهيرها . جامعة لأشتات الأوصاف الحميدة , من طيب التربة وصحة الهواء, وعذوبة الماء وصفاء الجو وصحة الأبدان , وحسن صورة أهلها وحذقهم في العلوم والصناعات , حتى قالوا كل شيء استعصى صناع أصفهان في تحسينها عجز عنها صناع جميع البلدان "
أما البيئة الثانية للعماد هي العراق والشام ومصر " إقليم الوسط " وكانت هذه الأقاليم أكثر البلاد الإسلامية نشنطًا من الناحية الثقافية , خاصة إقليم العراق حيث بغداد ومدرستها النظامية , التي باها الوزير نظام الملك الطوسي وزير آلب أرسلان السلجوقي وابنه ملكشاه . وتوافد إلى المدرسة النظامية العلماء من كل صوب , وكذلك الطلاب الذين انتظموا في سلك الدراسة بها , وقد ذاع صيتها . وكان العماد أحد طلابها حيث تعلم بها النحو واللغة والأدب وسمع الحديث وتعلم الفقه والخلاف والأصول . وقد اهتم السلاطين والوزراء ببناء دور العلم والأدب . وكثر بناء المدارس ودور الحديث والفقه , وبذل الحكام كل ما في وسعهم لتوفير الأساتذة من كل أقطار العالم الإسلامي شرقا وغربا . ومن ثم أصبحت عواصم مصر والشام والعراق المشهورة : القاهرة والإسكندرية , ودمشق وحلب , وبغداد قبلة القصاد من سائر البلدان المختلفة من العالم العربي والإسلامي في المشرق والمغرب .
ويعتبر عصر الأصفهاني عصر إحياء للثقافة والفكر . حيث تمثل هذا الإحياء في بعث العلوم الشرعية والاهتمام بالقرآن الكريم والحديث الشريف , وتشجيع الحكام العلماء , وتسابقوا في تقريب الفقهاء والحفاظ والقراء , واعتمدت حركة البعث العلمي والأدبي في هذا العصر على التراث الإسلامي الزاخر في العصور السابقة , والدافع الرئيس لها هو حماس السلاجقة السنيين لإحياء شعائر أهل السنة .
" وجاء السلاجقة , وكانوا سنيين متحمسين , فناهضوا الحركات العلمية في الإسلام التي احتضنها الشيعة أعداؤهم المذهبيون , بعد أن استولوا على مقاليد الحكم في بغداد والشرق جميعا , واستولى أتباعهم على الشام ومصر . وكان للسلاجقة في ميادين الثقافة الإسلامية جولات مظفرة . وكان أبرز حكامهم اهتماما بالعلوم والعلماء والمدارس نظام الملك " ويعتبر عصر سنجر وإخوته عصرًا زاهرًا في الأدب والعلم وغير أكثر من العصور الزاهرة السابقة , فقد ازداد فيه عدد الكتاب والشعراء والعلماء من الفرس والعرب , ونبغ فيه من شعراء الفرس جماعة مثل : فريد الدين العطار , ونظامي , وعمر الخيام , وسنائي , ورشيد الدين الوطواط .
في العراق كان الخلفاء العباسيون ووزراؤهم يقربون العلماء ويشجعونهم بمختلف الوسائل , وكان من أبرز وزراء العصر وأكثرهم تقديرا للعلم والعلماء " عمر الدين بن هبير " " وكان عالما فاضلا ذا رأي صائب , وسريرة صالحة , مكرمًا لأهل العلم , يحضر مجلسه الفضلاء على اختلاف فنونهم , ويقرأ عنده الحديث عليه على الشيوخ بحضوره " وألَّف ابن هبيرة كتبًا عديدة , منها " الإيضاح في شرح الأحاديث الصحاح ".
وفي الشام كان نور الدين معروفًا بشغفه بالعلم والمهتمين به , وبحبه للفقهاء وأهل الحديث , وكان يستشيرهم في أمور الدين والحكم , فمن مشاهير الفقهاء في هذا العصر الذين وفد إليه " قطب الدين النيسابوري " ت 568 هـ . يقول أبو شامة: " فسر به نور الدين وأنزله بحلب بمدرسة باب العراق
وفي مصر والشام كان صلاح الدين يحفظ القرىن ويروي الحديث ويسمعه من حافظه , سمع على الحافظ السلفي عالم الأسكندرية ومحدثها في القرن السادس , " كما جعل له ميقاتًا لسماع الأحاديث النبوية بقراءة الإمام تاج الدين البندهي المسعودي "
هذه هي البيئة الثقافية التي نشأ فيها العماد وتأثر بها منذ نضوجه الفكري والأدبي حتى وفاته , والتي كان من أهم مميزاتها انتشار العلم نتيجة تشجيع الملوك والسلاطين والوزراء للعلم , واحترام العلماء وتقديرهم , فكثرت المدارس وكثر العلماء في شتى المجالات .
البيئة الأدبية :
لقد امتاز القرن السادس الهجري الذي عاش فيه شاعرنا من الناحية الأدبية بالازدهار والنضوج , فنلاحظ زيادة كبيرة في عدد الأدباء والشعراء والمؤلفين , كما يتميز بكثرة تأليف عدد من أمهات الكتب العربية التي لا تزال أهم المراجع في التراث الأدبي والإسلامي .
ونرى أن الحركة الأدبية التي امتاز بها القرن السادس الهجري لم تحظ بما تستحق من البحث والدرس , رغم كثرة ما حظيت به العصور الأخرى , مثل العصر الجاهلي وصدر الإسلام , والعصر الأموي والعصر العباسي , وفي ذلك يقول دكتور . زغلول سلام : " ولم تحفظ الدراسات الأدبية والعلمية في إقليمي مصر وسوريا خاصة بالدرس لبيان الدور الخطير الذي كانتا تقومان به لحفظ التراث الإسلامي من الضياع بعد أن بدأ يتحول شيئا فشيئا من الشرق والغرب ليصب في القلب , في إقليم الوسط سوريا ومصر
فكانت موضوعات الأدب هي الموضوعات التقليدية للأدب العربي في العصور السابقة , وظهرت في هذا العصر فنون جديدة , كما نمت فنون كانت غير معروفة من قبل , وهي الإكثار من المحسنات البديعية في كتاباتهم . ولما كانت روح العصر وسماته هي حروب متصلة بين المسلمين والصليبيين هذه الحروب هي التي كانت سببا في ظهور لون جديد من الأدب , وهو أدب القتال والحث على الجهاد , والدعوة لحماية الإسلام والمسلمين , واسترداد المقدسات الإسلامية الممثلة في بيت المقدس , كذلك تطور الأدب الوصفي , فقد كان يسير مع أدب جنبًا إلى جنب , وموضوعاته هي وصف الجيوش وآلات الحرب والقلاع والحصون , ووصف البلدان والتغزل في محاسنها .
وما زالت الحروب الصليبية نبعًا ومصدرًا لا يجف لموضوعات الجهاد وآلاته في العصر , فقد ألهبت عواطف المسلمين والعرب , وكانت عاملًا هاما في ظهور هذا اللون الأدبي , وقد امتزج التأليف في الجهاد والحث عليه بالتأليف مثلا في التاريخ ووصف الوقائع والأحداث الكبيرة , مثل كتاب " الفتح القسي في الفتح القدسي " وهو كتاب يؤرخ لفتح صلاح الدين بيت المقدس , وكان صدى هذا الفتح عظيما , والفرحة به غامرة , ترددت أصداؤها في نفوس المسلمين في كل مكان . وكان كتاب شاعرنا صورة من تجاوب الأدباء مع هذا الحدث العظيم .
والحق أن الحروب الصليبية كانت بمثابة المنبع الخصب للكتاب والشعراء والأدباء , والمؤرخين , فمنهم من كان يصف المعارك شعرًا , ومنهم من كان يسجلها نثرًا , ومنهم من كان يسجلها في كتب التاريخ واصفًا الوقائع الحربية والأحداث , وسجل أيضًا أدب هذه الفترة معالم الحياة التي عاشها الناس في هذه الفترة العصيبة في التاريخ الإسلامي , وأدباء العصر وشعراؤهم , ويصف أيضًا النكبات التي حلت بالشعب في مصر والشام مثل المجاعات والزلازل .
ومن اهم موضوعات العصر ما قيل في السيف والقلم , فقد أكثر الشعراء والكتاب في هذا اللون , وكذلك عمد الكتاب والشعراء إلى موضوعات بعينها وأهملوا موضوعات أخرى . فقد أكثروا مثلًا في وصف الرياض ومظاهر الطبيعة .
وقد امتازت البيئة الأدبية عند شاعرنا بالكتابة , والخطب والرسائل , والمقامات التي ظهرت في القرن الرابع الهجري , وكان لمقامات الهمذاني والحريري أثر واضح في انتشار هذا الفن الجديد وظهوره بين الفنون الأخرى , وظهر كذلك أدب الأسفار والرحلات , وأشهرها كتاب " سفرنامه " بالفارسية لناصر خسرو , قبل هذا العصر بقليل , ثم كتاب " الرحلة لابن جبير " ثم بعد ذلك " ابن بطوطة " حيث كان للأدب خصائصه في كل إقليم من أقاليم العالم الإسلامي .
| |
| | | أمل حياتى مبحر جديد
الساعة الآن : عدد المساهمات : 14 درجة النشاط : 5408 تاريخ التسجيل : 01/08/2009
| موضوع: رد: سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) الأربعاء 5 أغسطس 2009 - 18:00 | |
| جزاك الله خيرا على كل ما تقدمه من معلومات تثري بها هذا المنتدى , ووفقك الله لما تحب وترضى . وإلى الأمام دائماً . | |
| | | | سلسلة تراجم العظماء ( موضوع متجدد دائمًا ) | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|