أَزْمَانَ كانَ السَّعْدُ لِي مُسَاعِداً
وَمُقْلَةُ الرَّقِيبِ ذَاتُ بَخَقِ
والْيَوْمَ قَدْ صَارَ سَلامُ عَزَّةٍ
يُقْنِعُ مِنْ لُبْنَى إذا لَمْ نَلْتَقِ
والله لَوْ حَلَّتْ دِيارَ قَوْمِهَا
واحْتَجَبَتْ عَنِّي بِبابٍ مُغْلَقِ
لَزُرْتُهَا والليْلُ جَوْنٌ حَالِكٌ
وَجَفْنُهَا لَمْ يَكْتَحِلْ بِأَرَقِ
مَعِي ثَلاثَةٌ تَقِي صَاحِبَهَا
مَا لَمْ تَكُنْ نُونُ الوِقَايَةِ تَقِي
سَيْفٌ كَصَمْصَامَةِ عَمْرٍو بَاتِرٌ
لا يُتَّقَى بِيَلَبٍ وَدَرَقِ
وبَيْنَ جَنْبَيَّ فُؤادُ ابْنُ أَبِي
صُفْرَةَ قَاطِعُ قَرَا ابْنِ الأَزْرَقِ
وفَرَسٌ كَلاَحِقٍ ودَاحِسٍ
يَوْمَ الرِّهَانِ شَأْوُهُ لَمْ يُلْحَقِ
تَقْدَحُ نِيرَانَ الحُبَاحِبِ حَوا
فِرُهُ عِنْدَ خَبَبٍ وطَلَقِ
كالرِّيحِ في هُبُوبِهِ والسِّمْعِ فِي
وُثُوبِهِ وكَالْمَهَى فِي فَشَقِ
بِهِ أَجُوسُ فِي خِلالِ دُورِهَا
وأَنْثَنِي كالْبَارِقِ الْمُؤْتَلِقِ
فَإِنْ تَكُ الزَّبَّا دَخَلْتُ قَصْرَهَا
وكَقَصِيرٍ سُقْتُهَا لِلنَّفَقِ
وَمَنْ حَمَاهَا كَكُلَيْبٍ فَلَهُ
جَسَّاسُ رُمْحٍ رَاصِدٍ بِالطُّرُقِ
لا بُدَّ لِي مِنْهَا وَإِنْ تَحَصَّنَتْ
بِالأبْلَقِ الفَرْدِ وبِالخَوَرْنَقِ
أَشُنُّ كُلَّ غَارَةٍ شَعْوا عَلَى
مَنْ يَحْمِها فِي مِقْنَبٍ وفَيْلَقِ
وفِي خَمِيسٍ مِنْ خِيارِ يَعْرُبٍ
ذَوِي رِماحٍ وَخُيُولٍ سُبُقِ
مِنْ أُسْرَتِي بَنِي مُلُوكٍ فَهُمُ
أَطْوَعُ لِي مِنْ سَاعِدي ومِرْفَقِ
سَلْ ابْنَ خَلْدُونَ عَلَيْنَا فَلَنَا
بِيَمَنٍ مَآثِرٌ لَمْ تُمْحَقِ
وَسَلْ سُلَيْمَانَ الكَلاعِي كَمْ لَنَا
مِنْ خَبَرٍ بِخَيْبَرٍ والْخَنْدَقِ
ويَوْمَ بَدْرٍ وحُنَيْنٍ وتَبُو
كَ والسَّوِيقِ وَبَنِي المُصْطَلِقِ
بِهِمْ فَخَرْتُ ثُمَّ زِدْتُ مَفْخَراً
بِأدَبِي الغَضِّ وحُسْنِ مَنْطِقِي
وزَانَ عِلْمِي أَدَبِي فَلَنْ تَرَى
مَنْ شِعْرُهُ كَشِعْرِيَ المُنَمَّقِ
فَإِنْ مَدَحْتُ فَمَدِيحِي يُشْتَفَى
بِهِ كَمِثْلِ الْعَسَلِ المُرَوَّقِ
وإِنْ هَجَوْتُ فَهِجَائِي كالشَّجَا
يَقِفُ في الحَلْقِ كَمِثْلِ الشَّرَقِ
فَإِنْ يَكُ الشِّعْرُ عَصَى غَيْرِي فَقَدْ
أطَاعَنِي فِي عَيْهَقٍ وحَنَقِ
وإنْ يَكُنْ سَيْفاً مُحلّى فَقَدْ
أبْلَى نِجَادَهُ عِنَاقُ عُنُقِي
وإِنْ يَكُنْ بُرْداً فَقَدْ صِرْتُ بِهِ
مُعْتَجِراً دُونَ جَميعِ السُّوَقِ
وإنْ يَكُنْ تاجاً فَقَدْ زادَ سَنًا
جُوْهَرُهُ مُذْ حَلَّ فَوقَ مَفْرِقِ
وإِنْ يَكُنْ حدِيقةً فَطَالَمَا
نَزَّهْتُ فيها خَاطِري وحَدَقِي
وإِنْ يَكُنْ بَحْراً فَقَدْ غُصْتُ على
جَوْهَرِهِ وكُنْتُ نِعْمَ المَنْتَقِ
وهَلْ أنا إِلاّ ابْنُ ونَّانَ الذِي
قَرَّبَهُ كَمْ مِنْ أَميرٍ مُرْتَقِ
أحَقُّ مَنْ حُلِّيَ بالأسْتاذِ والشَّـ
ـيْخِ الفقيهِ العالِمِ المُحَقِّقِ
وبالمُحَدِّثِ الشَّهيرِ والأدِيـ
ـبِ والمُجِيدِ والبليغِ المُفْلِقِ
وأعْلَمُ الناسِ بدُونِ مِرْيَةٍ
سِيَّانِ مَنْ بمَغْرِبٍ ومَشْرِقِ
بالشِّعْرِ والتَّاريخِ والأمْثالِ والأنْـ
ـسَابِ والآثارِ سَلْ تُصَدِّقِ
فَبَشِّرَنْ ذاكَ الحسودَ أنَّهُ
يَظْفَرُ في بَحْرِ الهِجَا بالغَرَقِ
وقُلْ لَهُ إذا اشْتَكَى مِنْ دَنَسٍ
أنْتَ الذي سَلَكْتَ نَهْجَ الزَّلَقِ
وفُقْتَ في الْجُرْأَةِ خاصِي أسَدٍ
فَمُتْ بِغَيْظِكَ وبالرِّيقِ اشْرَقِ
ومَا الذي دعاكَ يا خَبُّ إلى
ذِي الأُفْعُوانِ ذي اللّسانِ الفَرَقِ
نَطَقْتَ بالزُّورِ أمَا كُنْتَ تَعِي
أنَّ البَلا مُوَّكَلٌ بالمَنْطِقِ
ولَمْ تَخَفْ مِنْ شاعرٍ مَهْما انْتَضَى
سَيْفَ الهِجَا فَرَى حِبالَ العُنُقِ
يا صاحِ سَلِّمْ للوَرَى تَسْلَمْ ولا
تَسُمْ فَصِيحَ النُّطْقِ بالتَّمَشْدُقِ
فذاكَ خَيْرٌ لَكَ واسْتَمِعْ إِلى
نُصْحِ الحَكيمِ الماهِرِ المُحَقِّقِ
فَكُنْ مُهَذَّبَ الطِّباعِ حافِظاً
لِحِكَمٍ وأدَبٍ مُفْتَرِقِ
وعاشِرِ النَّاسَ بِحُسْنِ خُلُقِ
تُحْمَدْ عَلَيْهِ زَمَنْ التَّفَرُّقِ
ولا تُصاحِبْ مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ
فَضْلاً بِلا فَضْلٍ وغَيْرَ المُتَّقِ
وكُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ
فَضْلٍ فَلا تُطْمِعْهُ بالتَّمَلُّقِ
وفَوِّقَنْ سَهْمَ النُّمَيْرِيِّ لِمَنْ
لِطُرُقِ العلْياءِ لَمْ يُوَفَّقِ
وافْعَلْ بِمَنْ تَرْتابُ مِنْهُ مِثْلَ فِعْـ
ـلِ المُتَلَمِّسِ اللَّبيبِ الحَذِقِ
ألْقَى الصَّحيفةَ بِنَهْرِ حِيرَةٍ
وَقَالَ يا ابْنَ هِنْدٍ أرْعِدْ وأبْرِقِ
ولا تَعِدْ بِوَعْدِ عُرْقوبٍ أخاً
وفِهْ وَفَا سَمَوْأَلٍ بالأبْلَقِ
شَحَّ بأَدْرُعِ امرىءِ القَيْسِ وقَدْ
تَرَكَ نَجْلَهُ غَسَيلِ العَلَقِ
ومِثْلَ جارٍ لأبي دُؤَادَ لا
تَطْمَعْ بِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ بالأحْمَقِ
واحْمَدْ جَلِيساً لا تَخافُ شَرَّهُ
وكابْنِ شَوْرٍ لَنْ تَرَى مِنْ مُطْرِقِ
وَلْتَكُ أبْصَرَ مِنَ الهُدْهُدِ والزَّرْ
قَا بِعَيْبِ نَفْسِكَ المُحَقَّقِ
وَكُنْ كَمِثْلِ وَاسِطِيٍّ غَفْلَةً
عَنْ شَتْمِ ضَارِعٍ وعَتْبِ سُقُقِ
واعْدُ على رِجْلَيْ سُلَيْكٍ هارِباً
مِنْ قُرْبِ كُلِّ خُنْبُقٍ وسَهْوَقِ
وَكُنْ نَدَيمَ الفَرْقَدَيْنِ تَنْجُ مِنْ
مُنَغِّصٍ ومِنْ طُرُوِّ الرَّنَقِ
وَكُنْ كَعَقْرَبٍ وَضَبٍّ مَعَ مَنْ
عَلَيْكَ قَلْبُهُ امْتَلا بالحَنَقِ
ثُمَّتَ لا تَعْجَلْ وكُنْ أبْطَأَ مِنْ
غُرابِ نُوحٍ أوْ كَفِنْدِ المُوسِقِي
مَضَى لِنارٍ طالِباً وبَعْدَ عَا
مٍ جَا بِهَا يَسُبُّ فَرْطَ القَلَقِ
وخُذْ بِثأرِكَ كَمَنْ أتَى
بِالجَيْشِ خَلْفَ شَجَرٍ ذِي وَرَقِ
وانْتَهِزْ الفُرْصَةَ مِثْلَ بَيْهَسٍ
وبِالمُدَى لَحْمَ العُداةِ شَرِّقِ
وكابْنِ قَيْسٍ بِهِمُ كُنْ مُولِماً
وَلِيمةً شَهِيرَةً كالفَلَقِ
يَوْمَ مِلاكِهِ بأمِّ فَرْوَةٍ
عَرْقَبَ كُلَّ ذاتِ أرْبَعٍ لَقِي
ولا تَدَعْ وإنْ قَدَرْتَ حِيلَةً
فَهْيَ أَجَلُّ عَسْكَرٍ مُدَهْرِقِ
إنْ كانَ في سَفْكِ دَمِ العِدَا الشِّفَا
سَفْكُ دَمِ البَريءِ غَيْرُ أَلْيَقِ
ولا تُحارِبْ ساقِطَ القَدْرِ فَكَمْ
مِنْ شِّهَةٍ قَدْ غُلِبَتْ بِبَيْذَقِ
وَكَمْ حُبَارَى أمَّهَا صَقْرٌ فَلَمْ
يَظْفَرْ بِغَيْرِ حَتْفِهِ بِالذَّرَقِ
وكَمْ عُيُونٍ لأسُودٍ دَمِيَتْ
بالعَضِّ مِنْ بَعُوضِها المُلْتَصِقِ
والْخُلْدُ قَدْ مَزَّقَ أقوامَ سَبَا
وهَدَّ سَدّاً مُحْكَمَ التَّأَنُقِ
ولا تُنَقِّصْ أحَداً فَكُلُّنَا
مِنْ رَجُلٍ وأصْلُنَا مِنْ عَلَقِ
لا تُلْزِمِ المَرْءَ عُيُوبَ أصْلِهِ
فالمِسْكُ أصْلُهُ دَمٌ في العُنُقِ
والخَمْرُ مَهْمَا طَهُرَتْ فَبَيْنَهَا
وبَيْنَ أصْلِهَا بِحُكْمٍ فَرِّقِ
ولا تُؤَيِّسْ طامِعاً في رُتْبَةٍ
لِنَيْلِهَا نَظِيرُهُ لَمْ يَرْتَقِ
فالزَّرْدُ يَوْمَ الغَارِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ
فَضْلٌ وكَانَ الفَضْلُ للخَدَرْنَقِ
وَقَوْسُ حاجِبٍ بِرَهْنِهَا لَدَى
كِسَرَى اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ بِمَا لَقِي
لا تَغْشَ دارَ الظُّلْمِ واعْلَمْ أنَّهَا
أخْرَبُ مِنْ جَوْفِ حِمَارٍ خَلَقِ
ولا تَبِعْ عَرْضَكَ بَيْعَ أبِي
غَبْشَانَ بَيْعَ الغَبْنِ والتَّبَلْصُقِ
باعَ السِّدَانَةَ قُصَيَّا آخِذاً
عِوَضَهَا نِحْياً مِنْ أمِّ زَنْبَقِ
ولا تَكُنْ كَأَشْعَبٍ فَرُبَّمَا
تَلْحَقُ يَوْماً وافِدَ المُحَرِّقِ
ولا تَكُنْ كوَاوِ عَمْروٍ زائِداً
فِي القَوْمِ أو كَمِثْلِ نُونِ مُلْحَقِ
واعْضُلْ كَهَمَّامٍ بَنَاتِ فِكْرةٍ
ضِنًّا بِهَا عَنْ غَيْرِ فَحْلٍ مُعْرِقِ
كي لا تَقُولَ بِلسانِ حالِها
مَقَالَ هِنْدٍ ألْقِ مَنْ لَمْ يَلِقِ
وسَلْ مُهُورَ كِنْدَةٍ إِنْ تُهْدِهَا
لِذِي نَدًى كالبَحْرِ في تَدَفُّقِ
لا تَنْسَ مِنْ دُنْياكَ حَظاًّ وإلى
كالطَّالَقَانِي والخَصِيبِ انْطَلِقِ
لا تَهْجُ مَنْ لَمْ يُعْطِ واهْجُ مَنْ أَتَى
إلى السَّرابِ بالدِّلاءِ يَسْتَقِي
وَعُدْ لِمَا عُوِّدْتَ مِنْ بَذْلِ اللُّهَى
فالعَوْدُ أَحْمَدُ لِكُلِّ مُمْلِقِ
ولا تَعُدْ لِحَرْبِ مَنْ مَنَّ ولَوْ
مَنَّ فَمَا غلَّ يداً كَمُطْلِقِ
والعَوْدُ يُخْتَارُ على مَنْ كانَ كالـ
ـمُخْتارِ أوْ مَنْ كانَ ذا تَزَنْدُقِ
والصَّمْتُ حَصْنٌ للفَتَى مِنَ الرَّدَى
وقَلَّ مَنْ شَرِّ لِسَانِهِ وُقِي...........................يتبع