معبد أبو سمبل

المقدمة
تزخر مصر بالمواقع الأثرية الكثيرة التي تحمل شهادة عظمة حضارتها، التي عاشت و مرت عليها آلاف السنين، و التي تشير إلى مدى إبداع و ابتكار الإنسان المصري القديم، و سبقه في معرفة العلم و الحضارة و التي على إثرها قامت الحضارات التي تليها.

فمعبد أبو سمبل هو أحد تلك المواقع الأثرية التي تشيد بعظمة الحضارة المصرية و تطورها في مجال العمارة، فهو موقع أثري يوجد ببطن الجبل جنوبي أسوان، ويتكون من معبدين كبيرين نحتا في الصخر، وقد بناه الملك رمسيس الثاني منذ 3300 سنة مضت فى مسيرة الخلود و الأبد.

و لعظمت هذا المعبد و لإعجازه المعماري و روعته الفنية و مناظره التاريخية و الدينية المهمة، اخترت البحث و الكتابة عنه، ففي هذا البحث نتناول دراسة موجزة عن معبدي أبو سمبل، حيث المعبد الكبير – معبد رمسيس الثاني – ، و المعبد الصغير – معبد نفرتارى - ، فأولاً نعطى نبذة عن اسم أبو سمبل أو سنبل، ثم وصف للمعبد الكبير، حيث الساحة الأمامية له ، و قاعة الأعمدة ، و قدس الأقداس ، و ثانياً ننتقل للمعبد الثاني، معبد نفرتارى الذي يقع على مقربة من الجانب الشمالي لمعبد أبو سمبل الكبير، و نأتي بوصف له ، و ننتقل بالحديث بعد ذلك إلى مشروع إنقاذ المعبدين من الغرق نتيجة تكوين بحيرة ناصر وراء السد العالي و التي تهدد الآثار بالغرق؛ و بعد ذلك تكون الخاتمة التي تضم أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث، ثم يليها المراجع المعتمد عليها في توثيق معلومة البحث و التي اعتمدت على أن تكون من الكتب التي تناولنا دراستها ....
و الله ولى التوفيق
محمد فتحي نوفل

معبد أبو سمبل

اشتق اسم أبو سمبل من اسم إيسامبول LBSAMBUL الذي أطلق عليه قديماً. و على أية حال فهو معبد فريد و متميز في كل شيء عن بقية المعابد المصرية التقليدية القديمة .( )

يتكون "أبو سمبل" من معبدين تم نحتهما في الجبل على البر الغربي للنيل في الفترة ما بين عامي 1290 ق.م و1224 ق.م.( )

وصف المعبد (الكبير)
الساحة الأمامية للمعبد الكبير :
تؤدى بوابة المدخل إلى ساحة أمامية واسعة، و تؤدى هذه الساحة بدورها إلى شرفة أمامية مرتفعة قليلاً عن أرضية الساحة .. و على أرضية تلك الشرفة تقوم واجهة المعبد المنحوة في قلب الصخر، و ترتفع الواجهة نحو 32 متراً و يبلغ عرضها نحو 35 متراً. و تضم الواجهة أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني في وضع الجلوس، واضعاً يديه فوق ركبته. و يرتفع كل تمثال منها نحو 21 متراً، و يماثل في ضخامته التمثال الجرانيتى الهائل الموجود حطامه الآن في معبد "الرمسيوم" بغرب الأقصر.

و على كل تمثال من هذه التماثيل الأربعة، نرى خرطوشين أحدهما على صدره و الثاني على ذراعه، و بداخل كل خرطوش كتب اسم الملك بالعلامات و الحروف الهيروغليفية القديمة . و على رأس التاجان المصريان التقليديان: التاج الأحمر "دشرت" الذي يرمز إلى الوجه البحري، و التاج الأبيض "حدجت" الذي يرمز إلى الوجه القبلي.( )

و عند قدمي كل تمثال من هذه التماثيل الأربعة ، نرى عدة تماثيل أصغر حجماً تمثل بعضاً من أهل الملك و أعضاء أسرته ؛ مثل:

- تمثال الملكة ( نفرتارى ) زوجة الملك بجوار ساقه اليسرى .
- تمثال الملكة ( موت تويا ) أم الملك و زوجة أبيه الملك سيتي الأول بجوار ساقه اليمنى .
- تمثال للأمير ( آمون حرخوبشف ) ابن الملك في المقدمة بين ساقيه . ( )

قاعة الأعمدة الكبرى:
تقع قاعة الأعمدة الكبرى بعد الساحة الأمامية للمعبد وسقفها محمول على ثمانية أعمدة أمام كل منها تمثال ارتفاعه عشرة أمتار للملك (رمسيس). أما السقف فهو مُزين بنسور (عقبان) تمثل أوزوريس ، والنقوش التي على الحوائط تمثل الفرعون (رمسيس) في معارك مختلفة منتصراً كالمعتاد .

و القاعة التالية عبارة عن دهليز له أربعة أعمدة يرى الزائر (رمسيس) و (نفرتارى) أمام الآلهة والمراكب الشمسية التي تحمل الميت إلى العالم الآخر كما في معتقداتهم. ( )

قدس الأقداس و المعجزة الفلكية:
هي القاعة أو الحجرة الداخلية الأخيرة التي ينتهي عندها تسلل ضوء الشمس ، و هذه القاعة تتعمق في قلب الصخر حوالي 55 متراً .. و قد وضع التصميم الهندسي لقدس الأقداس طبقاً لقواعد و مقاسات فلكية غاية في الدقة ، تتيح لأشعة الشمس أن تدخل إليه مرتين فقط كل عام: 21 فبراير و 21 أكتوبر .. و يقول بعض المؤرخين أن اليوم الأول يمثل ذكرى مولده و اليوم الآخر يمثل ذكرى تتويج (رمسيس الثاني) ملكاً على مصر. (*)

و في قدس الأقداس نرى تماثيل لأربعة من الآلهة جالسين على قدم المساواة و هم : بتاح .. آمون رع .. رمسيس المؤله .. رع حور آختى. و يعنى هذا أن رمسيس الثاني وضع نفسه في صف واحد و على قدم المساواة مع ثلاثة من أهم الآلهة التي كانت تعبد في عهده. ( )

معبد نفرتارى
(المعبد الصغير)
على مقربة من الجانب الشمالى لمعبد أبو سمبل الكبير شيد رمسيس الثاني معبداً أصغر حجماً تكريساً لعبادة الإلهة (حتحور) ربة الحب و الجمال و حامية المرأة و الأمومة، و أهداه إلى الرفيقة الجميلة (نفرتارى) ... زوجته الملكية.

و على الجدران الخارجية و الداخلية لهذا المعبد نقرأ نصاً مكتوب بالهيروغليفية يحمل الإهداء الرقيق التالي:

{ رمسيس القوى في الحقيقة و الصدق ... المحبوب لديه و المفضلة عنده }

و الواجهة الأمامية لهذا المعبد ذات تصميم هندسى مبتكر، و بهذا المعبد أربعة تماثيل أثنان للملك رمسيس الثانى، و اثنان لزوجته الملكة نفرتارى ..

و صف المعبد (الصغير)

تتكون الإنشاءات الداخلية لهذا المعبد – و هي محفورة بأكملها في بطن الجبل – من قاعة رئيسية و حجرات جانبية و محراب قدس الأقداس . و في القاعة الرئيسية نرى ستة من الأعمدة التي يطلق عليها علماء الآثار اسم (الأعمدة الحتحورية) لأنها ذات تيجان تمثل رأس الإلهة حتحور.

و على جدران القاعة نرى نقوشاً ملونة تمثل الزوجين الملكين و هما يتعبدان الى بعض الآلهة الرئيسية .. و نقوشاً أخرى تمثلهما و هما يؤدبان الأسرى من الليبيين و النوبيين .. كما نرى نقوشاً أخرى تمثلهما و هما واقفين جوار بعض الآلهة للحصول على البركة .

و في قدس الأقداس عند آخر نقطة في عمق المعبد، نرى تمثالاً منحوتاً للإلهة حتحور في شكل بقرة تحمى الملك. ( )

مشروع إنقاذ معبدي أبي سمبل من الغرق

كانت الآثار في أبو سمبل مهددة بالغرق بسبب تكون بحيرة ناصر وراء السد العالي. فقامت الحكومة المصرية بالتعاون مع منظمة اليونسكو عام 1965 بنقل المعبد إلى مكان قريب ذو منسوب عالي لا تصله مياه بحيرة ناصر. المشروع تضمن تقطيع المعبد إلى أحجار كبيرة زنة 1-2 طن ثم رفعها ثم تجميعها في المكان الجديد. ( )

الخاتمة
بعد هذا العرض الموجز عن معبد أبو سمبل الذي يعد أعظم معابد النوبة تأثيراً في النفس البشرية لإعجازه المعماري و روعته الفنية و مناظره التاريخية و الدينية المهمة. و بعد التعرف على أهم مكوناته ، سواء المعبد الكبير (معبد رمسيس) أو الصغير (معبد نفرتارى) ، و كذلك الحديث عن الظاهرة الفلكية التي ربما أخطأ بعض العلماء تفسيرها ، و التي أرى أنها نتاج تصميم فكرى فلكي دقيق ، و هي للدلالة على انه معبد من اجل (رع حور آختى) إله الشمس و انه أيضا معبدا لها.

بذلك نتوصل إلى أن الفن المعماري المصري القديم قد وصل إلى ذروة التقدم في عهد الملك رمسيس الثاني، و إن لم يكن تتوافر الدقة المطلوبة في تصميم هذا المعبد، إلا أن السمة التي غلبت هذه الفترة كانت عدم دقة الصناعة الأثرية ، كما كانت في الفترات السابقة على عصر رمسيس الثاني ، كما أن التماثيل الضخمة الموجود تنسب لفترة رمسيس الثاني ، الأمر الذي أدى إلى عدم الدقة في صناعتها.

فكان هذا بحث موجز عن إحدى معابد أسوان ... معبد أبو سمبل معابد الشمس المشرقة..

و أسأل الله التوفيق
محمد فتحي نوفل
المراجع
أولاً:المصادر العربية:
1- رضا سيد أحمد، تاريخ و حضارة مصر الفرعونية، (المنصورة، مكتبة مشالى، 2009).
ثانياً: المراجع الإلكترونية:
http://www.sis.gov.eg
http://ar.wikipedia.org/wiki